بين توت غزة وأسفلْت رام الله
بقلم / شلومو غازيت - معاريف: الإثنين 22/2/2010
عدت أمس من لقاء إسرائيلي – فلسطيني استمر يومين، حيث كان بحث مشترك في المشاكل الإقتصادية والسياسية على جدول الأعمال بين الطرفين, وقد كنا جماعة من نحو 35 رجل وامرأة، معظمهم أصحاب تجربة في لقاءات من هذا النوع.
الميزة الأولى والأساس في هذه اللقاءات من الطرفين, هي أصل اللقاء مع ممثل عن الطرف الآخر ليس على أساس منصبه أو مهنته, للحاكم والمحكوم، لرب العمل والعامل، للسجان والسجين أو للطبيب والمريض, بل كان اللقاء على أساس مساواة شخصية مطلقة.
رد الفعل الأولي، المفاجئ ظاهرا، هو الإكتشاف بأن محاورك هو إنسان مثلك تماما، وأن لديكما قاسما مشتركا واضحا, البحث عن السبيل لكيفية إنهاء النزاع والوصول إلى تعايش حقيقي, المفاجأة بالنسبة لنا نحن الإسرائيليين هو الإكتشاف بأن ممثلي كل الطرف الآخر تقريبا هم "خريجون" من السجن الإسرائيلي، بعضهم شهد هذه التجربة أكثر من مرة والقسم الأكبر منهم استغلوا أيامهم في السجن للتعلم والتحكم الجيد باللغة العبرية.
ومن هنا إلى خيبة الأمل, خيبة الأمل الأولى والطبيعية هي الجمود في الوضع, وكمن يذكر جيدا علاقاتنا في السنوات الأولى من الحكم الإسرائيلي بعد حرب الأيام الستة، فإن الوضع يتفاقم فقط, ويظهر لدى الكثيرين فقدان الأمل أيضا, لكن يمكن فهم ذلك.
قصتان صغيرتان انكشفتا أمس, الأولى, طريق الوصول بين بير زيت ورام الله، إذ بلدتان فلسطينيتان في المنطقة (A) يتضمن مقطعا من نحو 700 متر في المنطقة (C)، الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية, وهذا المقطع يحتاج إلى تزفيت جديد، ورجال السلطة الفلسطينية جاءوا بمقاول ينفذ العمل, ولكن في الغداة جاء رجال الإدارة الإسرائيلية وحرثوا مقطع الطريق, وعلى حد تعبيرهم "لنريهم من هو رب البيت".
القصة الثانية تتعلق بقطاع غزة, التوت الأرضي الذي يُزرع في قطاع غزة يُصدر بشكل عام إلى أوروبا, لكن تبين هذه السنة بأن التصدير غير مجدٍ, وطرح بديل تسويق الفاكهة إلى الضفة الغربية، لمنفعة الفلسطينيين في الطرفين, غير أن هذا احتاج إلى موافقة الحكم الإسرائيلي, وهذه موافقة لم تصدر, فسياسة "إسرائيل" ترفض الإتفاق والعلاقة بين القطاع والضفة, وعندها طرح بديل, وهو السماح بإدخال أوعية وسكر للقطاع لاستغلال التوت في إعداد المربى, وحتى لهذا لم يصدر تصريح!!.
خيبة الأمل الثانية, هي انعدام القدرة على اقتحام دائرة المشاركين في اللقاءات, المصاعب الإدارية، الحاجة إلى تصاريح الخروج إلى "إسرائيل" وبالعكس، الحاجة إلى تصاريح دخول للإسرائيليين إلى المنطقة الفلسطينية يؤدي إلى إدراك أن "المجانين" فقط يواصلون الإصرار لاجتياز طريق الآلام الإدارية اللازمة.
خسارة, ضيعنا 42 سنة كان يمكن فيها تعريض عشرات آلاف الأشخاص من الطرفين لتجربة اللقاء المشترك، كان بوسعنا أن نصرف التصورات المزيفة والمشوهة – من الطرفين – والإقناع بأنه يوجد من يمكن الحديث معه.
هؤلاء جميعاً من الطرف الفلسطيني، يفهمون بأنه لا ينبغي فتح ملف 48 وذلك لأن نقطة البداية هي الخط الأخضر، وأن اللاجئين لن يعودوا بجموعهم إلى نطاق "إسرائيل".
ضيعنا، كما أسلفنا 42 سنة, كان بوسعنا أن نعمل الكثير خلالها, فهل نسمح بأن نبقى في ذات المكان بعد 42 سنة أخرى؟.
********************************************************************-