من طرائف الرئيس ووزرائه
بقلم: أحمد منصور
بلغ
الارتباك بين الرئيس المصري حسني مبارك ووزرائه في إدارة الدولة المصرية
مرحلة بالغة الخطورة، تجلت في ظهور الرئيس أثناء زيارته لكفر الشيخ في
الأسبوع الماضي، ليتحدث عن قانون الضرائب العقارية، الذي سبق أن وقع عليه
في 23 يونيو من العام 2008، ونشر في الجريدة الرسمية، ليقول في جمع حاشد
من الناس إن أمر قانون الضرائب العقارية 'لم يحسم بعد'، ولأننا في دولة ما
يقوله الرئيس اليوم هو القانون، وما وقع عليه أمس ونشر في الجريدة
الرسمية، كان شيئا آخر، ومن ثم فإن كل الوزراء والمحافظين وحتى الخفراء
عبارة عن سكارتارية، كما قال ذلك نائب رئيس الوزراء ووزير الزارعة الأسبق
يوسف والي، إلا أن كثيرا من رجال القانون وأهل الرأي في مصر أذهلهم تصريح
الرئيس؛ لأنه جاء بعد إنذارات عدة من وزارة المالية ومصلحة الضرائب للشعب
المصري، بأن من يتخلف عن تسجيل عقاره بعد آخر ديسمبر الماضي سوف يخضع
للغرامة، ولذلك فإن 'ترزية' القوانين في مصر سرعان ما سعوا لترتيب اجتماع
مع الرئيس؛ ليروا رأيه في القانون، ويتم تفصيله وإقراره، أما كل ما مضى من
تشريع وتهديد للشعب فيحل محله الفرح والسرور؛ لأن الأمر 'لم يحسم بعد'،
فالبلاد كلها بشعبها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها تخضع لكلام الرئيس، حتى
لو قال الكلام ونقيضه في يوم واحد، ولاسيادة لقانون أو نظام أو شعب أو أي
شيء، هذه هي مصر العظيمة وشعبها الطيب، منطق الرئيس هو منطق وزرائه جميعا،
فكل منهم، رغم أنهم كما قال عنهم يوسف والي 'عبارة عن سكارتارية' إلا أنهم
في أمور وزاراتهم عبارة عن رؤساء صغار، طالما أنهم بعيدون عن المساس
بسيادة الرئيس، ودائما يسعون بطيبة قلوبهم لجلب الفرح والسعادة للشعب؛ حتى
يظل ملهوا بكرة القدم أو أي شيء آخر. سألت أحد العقلاء الذي كان يحدثني عن
مباريات كأس إفريقيا، قلت له: أما ترى الأمر يأخذ حيزا أكبر من هموم أخرى
يجب أن تشغل الناس؟ فقال: الشعب يريد أن يفرج، نريد شيئا يفرحنا، لذلك
نلجأ للاهتمام المبالغ فيه بالكرة، لكن يبدو أن رئيس الوزراء الدكتور أحمد
نظيف كان منتبها لرغبة الشعب الملحة في أن يكون هناك أي شيء يفرح الشعب،
فأصدر مجلس الوزراء بيانا أعلن فيه أن رئيس الوزراء سوف يعقد قرانه في
الشهر القادم على إحدى الموظفات العاملات في القرية الذكية، وهي في
الأربعين من عمرها، علاوة على صورتها على صدر كل الصفحات الأولى، وأن شهر
العسل سيكون في فبراير القادم، هذا الخبر طبعا جعل كل المصريين يطيرون
فرحا؛ مشاركة لرئيس وزرائهم الذي سيتزوج، ويجب أن يكون هذا الفرح هو فرح
الشعب كله، يجب أن يقوم الثمانون مليون مصري بتوزيع الشربات، ورش الملح،
وبدأت النكات المصرية خفيفة الظل من صفحات الصحف إلى البرامج الفضائية،
التي تتمنى السعادة والهناء للسيد رئيس الوزراء؛ لأن هذا سوف ينعكس دون شك
على الشعب المنكود كله، لكن أطرفها أن أحدهم قال إن هدف رئيس الوزراء من
وراء هذا البيان هو أن يشاركه الشعب بلم النقوط، مراعاة للأوضاع المتردية
للحكومة، كذلك المشاركة والفرحة والطبل والزمر، طالما أن الشعب يريد أن
يفرح ها هي الأفراح في هرم السلطة، و'كلو يطبل وخلي الشعب يفرح'، لكن أطرف
التعليقات كانت من مشاهدة اتصلت بأحد البرامج الفضائية، حيث أبدت
استغرابها من بيان رئاسة الوزارء، وقالت نتمنى أن يصدر لنا مجلس الوزاراء
بيانا عن ليلة دخلة رئيس الوزراء؛ ليطمئننا على صحته، ويعتقد كثيرون أن
هذا أمر هام؛ ليطمئن الشعب على قياداته، مادامت القيادات تسعى لإشراك
الشعب في أفراحها.
من
الأخبار الطريفة لوزراء السيد الرئيس أيضا، ما نشرته صحيفة الشروق يوم
السبت الماضي، من أن السيد وزير التربية والتعليم الجديد أحمد زكي بدر،
والذي ذكرت مصادر كثيرة أن سبب اختياره وزيرا لا يعود إلى سيرة والده
العطرة، الذي كان وزيرا للداخلية، وإنما إلى كونه نجح بشكل باهر في القضاء
على النشاط الديني في جامعة عين شمس، لذلك استحق وساما تمثل في الوزارة،
الطريف فيما نشرته الشروق أن السيد الوزير عرف بترشيحه للوزارة قبل يوم
واحد فقط من حلف اليمين، وكان في المملكة العربية السعودية لحضور مؤتمر،
وأنه طلب أخذ رأي زوجته ووالدته أولا قبل الموافقة على تولي المنصب
الوزاري، وسرعان ما حصل على الموافقة، حيث قالت له والدته -حسب الشروق-
:'إنت لم تطلبها فطالما جات لوحدها تبقى خير' وتمنت أن تكون الوزارة خيرا
له، ولم يفت بدر أن يشرك الشعب معه الفرحة، والحصول على البركة والموافقة،
فقال -حسب الشروق أيضا- إنه 'يطلب دعوات المواطنين والتعاون معه للوصول
إلى الصواب دائما'.
هذه
هي بعض الطرائف في مصر العظيمة برئيسها ورئيس وزرائها وبعض وزرائه، الكل
'عايز الشعب يفرح ويهيص' وسلم لي على الفقر والبطالة، وكل الأزمات، المهم
'كله يهيص'.