تغير الآراء والمواقف السياسية بقلم: محمد بشيربدايةً
نقول: قرار الجماعة بعدم الترشح قرار سياسي وليس حكمًا فقهيًّا، ومن
الثابت علميًّا في علوم الإدارة أن عملية اتخاذ القرار تعتمد بالدرجة
الأولى على دراسة المعلومات والظروف التي تمثل حيثيات القرار الذي يتم
اتخاذه.
وبناءً
عليه فإنه من الطبيعي والمنطقي أن يتغير القرار تبعًا لتغير تلك المعطيات
أو نتيجة لظهور متغيرات جديدة في النموذج الذي تم اتخاذ القرار من خلاله.
إذا
فعملية اتخاذ القرار عملية مستمرة تستلزم مراجعة القرار من حينٍ لآخر
للوقوف على مدى ملاءمة هذا القرار للمستجدات التي قد تطرأ على الساحة؛ بل
إنه من الخطأ الإصرار على القرار السابق اتخاذه إذا ما توافرت ظروف
ومعلومات جديدة تستلزم تعديل ما تم اتخاذه سابقًا من قرارات.
فلو
عزم الإنسان على شيء ووعد به ورأى الخير في غيره لا يعد كاذبًا ولا
منافقًا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمينٍ فرأى
غيرها خيرًا منها فليأتِ الذي هو خير وليكفر عن يمينه" (رواه مسلم)، وقال
صلى الله عليه وسلم: "إني والله- إن شاء
الله- لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيرًا منها إلا كفرتُ عن يميني وأتيتُ
الذي هو خير، أو أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني". (متفق عليه)،
وكذلك التائب الذي عزم على ترك المعصية ثم ضعف لا يُسمَّى مستهزئًا، أما لو
عزم على المعصية وقت إعلانه التوبة بلسانه فهذا كالمستهزئ بالله.
ولو
كان الإخوان يضمرون الترشح وقت إعلان لصدق عليهم الكذب وإخلاف الوعد، وهذا
يخالف رغبتهم في شخصٍ توافقي وعرضوا الأمر على ثلاثة كالبشري والغرياني
ومحمود مكي ولما فصلوا أبا الفتوح.
لو
أصرَّ الإخوان على كلمتهم رغم تغير الظروف لكانت تقديسًا للجماعة وتكون
بالفعل دولة دينية بالمعنى السيئ، ونحن نُهينا عن ذلك، بل ندور مع المصلحة
حيث كانت، فالنبي صلى الله عليه وسلم بعدما عسكر في بدر غيَّر مكانه لما
رأى المصلحة في غير ما قرر.
والنبي
(صلى الله عليه وسلم) بعدما عزم على العمرة وعلم بمستجداتٍ واستشار
الصحابة في الحديبية فأشار عليه أبو بكر بالدخول، وقرروا ذلك وبعد مستجداتٍ
أخرى قبل الرجوع واعترض عدد كبير من الصحابة.
وأخيرًا
فهذا قرار سياسي وليست فتوى، بل لو فتوى فيمكن أن تتغير بتغير المكان
والزمان، أما القرار السياسي فيرتبط بالمصلحة، وقد تحتمت بما فعلته الحكومة
والمجلس العسكري، والذي يُفصح عن نية القضاء على الثورة واستنساخ النظام
القديم.