موضوع: منهجية إبداعية في استثمار الخلود .. للشيخ الداعية .. محمد احمد الراشد الجمعة أكتوبر 14, 2011 10:42 am
مقال أكثر من راااااائع
منهجية إبداعية في استثمار الخلود
[b]بقلم الشيخ المجاهد/ محمد أحمد الراشد
[/b]
مُـنذأيام طفولتي : كنتُ فتىً ليس مثل بقية الفتيان ، بل أميل إلى الوقار والجدوالسكينة ، إذ صحبي وأقراني يتداولون الهزل الرخيص ، والكلام البذيء ،والشتائم ، ويحفظ أحدهم قائمة طويلة من الألفاظ العدوانية التي تتهم أعراضالناس ، وأنسابهم ، ويخلطونها بكذب ، ولكني بقيتُ على عفاف اللسان ،والبراءة من الإقذاع ، والصدق،
ولاأذكر أبداً أنـي خنت أحداً ، أو كذبت عليه ، مع وفور الطاعة لأساتذةالمدرسة ، واحترام من هو أكبر مني ، وما كنتُ كسولاً ، بل أشارك أقرانيلعب الكرة ، والركض ، ولا أغيب عن السباحة ولا ليوم واحد في العطلةالصيفية ، وأنا سبّاح ماهر عبرتُ دجلة وعمري ثماني سنوات فقط دونالاستعانة بأحد ، يوم كان دجلة وافر المياه عريضا ، وتجوالي على الدراجةالهوائية يملأ نصف وقتي ، وكانت دارنا في الأعظمية بجنب بعض بقايا بستانأصلان باشا ، فشبعتُ في طفولتي من الرُطَب والنبق ، نرميه بالحجر أوالمصيادة فيقع ونلمّه ونأكله بلا غسل ، بل بالنفخ عليه ، ومع ذلك إذارجعتُ إلى البيت يضع شقيقي الأكبر مجلة الرسالة للزيات في يدي وآتي عليهامن الغلاف إلى الغلاف ، وأنا لا أفهم منها إلا قليلاً ، ولكنْ تترسب منهافي اللاشعور بعض معانيها ، فتَضاعفَ سَمْت الجدّ الذي فطرني الله عليه ،وما كان هناك تلفزيون يلهينا في ذلك الوقت ، بل كان افتتاح محطته في أواخرسنة 1954 بعدما جلبته شركة بريطانية إلى معرض بغداد ، فاشترته الحكومةمنها ، وكانت قضية فلسطين تلك الأيام في ذروة الاهتمام ، وانعكس ذلك علينافي صِبانا ، وحدثت مظاهرات إسقاط معاهدة بورتسموث ، فزاد انفعالُناوتداولُنا لحديث السياسة مبكراً ، وبدأت المطابع تنـتـج كتباً عن تاريخالحرب العالمية الثانية وقصص رومل وغيره ، فتضاعف اهتمامي ، حتى وجدت نفسيفي صفوف الدعوة وأنا ناشئ في المدرسة المتوسطة . فأضافتالنقلة الدعوية حَفنـتين من الجد والصرامة إلى ما منـحتني إياه الفطرةوالظروف السياسية المتأججة ، بحيث يتداول معنا مربونا أخبار الدول ،والجهاد ، وأوصاف جـِنانٍ وفَراديسَ يحتلها الشهداء وأبطال القتال فيفلسطين وقناة السويس ، ثم لما سرنا مرحلة اُخرى ودفعونا إلى مجالس العلماءودراسة صحيح البخاري على الشيخ عبد الكريم الملقب بـ الصاعقة سَرَتْ إليناروح صواعقية تقلقنا عن الهزل والمزاح وكثرة الضحك ، ولما شرعنا نـحضر دروسوخطب الشيخ الدكتور تقي الدين الهلالي بدأنا نـُدرك اختلاف المدارسالاجتهادية الفقهية ، وانـحزنا لأقوال ابن تيمية ، وأصبحت لنا جولات عريضةمع مدونات ابن قيّم الجوزية ، إذ ما يزال أترابنا يسرحون ويمرحون ويقتربونمن باطل اللهو وينـحدرون إلى رخيص الآمال والقول ، وازدادت أشواقنا إلىالجنة لما وُضع في أيدينا حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح لابن القيم ،وبلاد الأفراح هي : الجنـّة ، لما فيها من خيرات تجلب السرور للمتـنعم بها، فزاد عُلوّاً مستوى اهتمامنا ، وصرنا خَلقاً آخر ، يسوقُنا طموح ،وتسيطر علينا رقابة ذاتية ، ونتج جيل من الشباب كأنهم شيوخ ، يتجردون فيعصرٍ ماديٍ كثيف الإغراء ، لكنّ مسارح الحلال بقيت واسعة علينا ، وكناأشدّ متعة بعواطفنا من مستعجل رَسَف في أغلال الدنيويات ، ونتج من هذاالتصاعد التدريجي استواءٌ لنا في فَلك الجد والمثـابرة الدائـبة ،وامتلكنا حصيلة من الأشواق الاُخروية ، والنظر إلى ثواب عند الله تـتضاءلعندما نتصوره ملذات الدنيا الحلال فضلاً عن الحرام ، لأن المهمة الإصلاحيةالتي حُـمِّـلنا إيّاها تجسمت لنا وأقنعتنا بأنها عملية ضخمة تـتطلب نذرالنفس ، وكثرة التعلّم والتفكر ، والجلوس المتكرر للنظر في مصالح المسلمين، ومن طول الوتيرة الجادّة : تحوّلت إلى سلوك تلقائي غير متكلف
. هنا، وفي ثنايا هذا الاندماج القلبي الروحي مع المهمة الجبارة الدعوية بدأتتسري عندي حالة اجتهاد في تحديد المذهب الأخروي الذي يُسيّرني ويدفعني ،هي فرع من الاجتهادات الفقهية التي تـتمايز بها مذاهب الفقهاء ، وتشكلتلديّ وفي مُخيّلتي صورة الحياة التي اُريدها في الجنـّة ، وجعلت أقوللنفسي : ويحك من مشترٍ لشيء مجاني مبذول ! !
لقدتكلمت الآيات والأحاديث الصحيحة عن قصور وحدائق في الجنة ، وأنهار ،ولَبَن وعسل مصفى ، فلماذا تشغل نفسك وهي مضمونة ، وتكثر الدعاء أن تكونهذه الخيرات من جُملة ما يُمنـح لك وهي أدنى الجنة ربما ، لكنْ اطلب الجنةفي دعائك وسَل الله شيئاً فيها مُبتكراً تحبُّه وقد فاتك في الحياة الدنياإلا قليلا ! !
ويكون إلحاح منالصالحين أن يرزقهم الله الحُور العـِين الحِسان ، فأقول لنفسي : ما هذاوالأمر أسهل ؟ بل ادع الله أن يـميتك شهيداً ، منـحةً منه لما يعلم منعفاف وبذل ، فتزف الشهادةُ لك سبعينَ حورية ، وعندئذ اختارُهنّ عشر عربيات، وعشر غربيات بيض ، وعشر زنجيات سود ، وعشر صينيات ، وعشر يابانيات ،وعشر فلبـينيات ، ثم البقية من الأمم الأخرى . وكلذلك إنما هو هامش ربح الجنة ، ولكن أطلب اللذات الكبار ، ورأس المال ،والعوالي ، والنوادر ، والغرائب ، والامتيازات ، فإن النشوة في هذه
. وأولأشواقي : إلى الخيل العربية الرشيقة ، فإني اُريد أن يكون لي فَرَس أدهمأسود يلمع كأنه فحمة ، وآخر أبيض كأنه قُطنة ، وأبلق يجمع بُـقَعاً منالسواد على البياض ، فيسبحنَ بي في براري الجنة الفسيحة سويعاتٍ كل يوم ،وقد حُرمت من الفروسية في الدنيا ، ولم تـُتح لي رغم شدة شغفي ، فلعل اللهسبحانه يَمُنّ بها عليّ ، حتى إذا امتلأت نفسي من ركوب الخيل عند الضحىالعالي : أردفتُ واحدة من نسائي خلفي ، واخترقت غابات الجنة ، ليكون إيابيظهراً .
لكني في بعض الأياماُريد أن تـُسرع بي دراجة نارية أو اُسابق جيراني ، فإني محروم منها كذلك، حتى أميل عند الاستدارات وإن ركبتي لتكاد تلامس الأرض ، كما أرى فيالتلفزيون .
وساعة أتجولبمنطاد لأرى تضاريس الجنة من سمائها ، وفي أخرى أهبط بالمظلة وأتقلب في جوالجنة ، وفي يوم ثالث تُحلق بي طائرة شراعية فأطوف حول الجبل البعيد .
إلاأن ذروة لذتي تكون في أن أقود عشرة من أصحابي ، في زوارق صغيرة ، نـناحرتيارات أنهار الجنة في عمق غاباتـها وبين جبالها ، فإني كنتُ دعوتُ الدعاةإلى مغامرات مثيلة في أنهار آسيا والأمازون والـمِـيسسبي ، ولكن تطويقالعمل الإسلامي لنا في زمن الأزمات والحاجة إلى كثرة الاجتماعات منعتنا منذلك ، وقياداتنا يابسة لا ترى في مثل هذه المغامرات تربية لنا وتنميةلشخصياتنا ، فلم تأذن لنا ، ولعل ولعي بذلك إنما هو صدى لكثرة السباحة فيدجلة في صباي وأول شبابي ، فاُريد أن أستعيد الذكريات ، إلا أني أخافالثعابين جداً ، وقد أخبرني شيوخي أن لا وجود لها في غابات الجنة .
وكلذلك تمهيد وتحريك للفكر ، فليست خُطتي في الجنة خطة طعام ولهو ، ولكن أهلالإبداع يقولون أن ومضاته لا تـتألق إلا من خلال قوادح المغامرة وتبديلالبيئة وعنفوان الحركة وتجديد المناظر ، فجعلت فروسية الخيل والدراجاتوالمناطيد والمغامرات سبباً لتحريك عقلي وذكائي ، ومقدمة لنيل لذّتيالعظمى اليومية التي أريدها على مدى عشرة الآف سنة من امتداد الخلود .. لذتيالكبرى ومطلبي أن تكون في قصري في الجنة مكتبة إسلامية ومعرفية وعلميةوفنية ، كاملة لا نقصان فيها ، فآخذ القرآن الكريم أولاً ، وأجلس عند عتبةباب قصر عبد الله بن عباس أنتظر خروجه ، لأطلب منه التلمذة وأن يأذن ليبدرس يومي عصراً على مدى سنين يشرح لي أسرار القرآن ، ولغته ، وأعاجيبه
. حتىإذا شبعت من علمه : دققت باب الطبري ليمنـحني المزيد من معاني القرآنوفقهه ، وألبث معه السنوات الطويلة قبل أن أتحول إلى القرطبي ، والزمخشري، والآلوسي ، وابن عاشور ، وسيد قطب ، وكل منهم يزيد لي حروفاً وفوائد ،حتى أستوفي علم القرآن من مائتي مُفسِّر ، ودفاتري معي ، وقلمي خلف اُذني، ونعلي خفيف ، على هيئة طُلاب العلم التلامذة ، فإني حُرمت مثل هذهالمجالس في الدنيا إلا قليلا ، واُريد أن أشبع وأنهل ، غير أن أخي خُوناالجَـكَني في تـِندوف بصحراء الجزائر ، وأخي غلام السائح ، قد أغرياني أنّثـَمَة علم ولُغة في حاضرة شنقيط بموريتانيا ، فأنا أريد لذلك أن أمكث فيالخاتمة عند الـمُفسّر الشنقيطي مدة أطول ، وأن أذهب له في الجنة على ناقة، وأن التقي به في صحراء الجنة ، وكان أستاذي الدكتور جعفر شيخ إدريسيُحدثني عن شيخ له في السودان يأبى إلا أن يأتي إلى مجلس التدريس على ناقة، مبالغة في الحفاظ على صورة الحياة السلفية ، فاُريد أن أقلده . فإذااستوفيت دلائل الفرقان وإعجـازه : تـنـاولت من مكتـبـتي مدونـة الحديثالنـبوي الشريف الكـبرى التي استـخرجـهـا حبـيـبي البخاري وسمّاها الجامعالصحيح ، فلا أحتاج إلى انتظار ولا إلى دق الباب ، بل أجده ينتظرنيمبتسماً متطلعاً مشتاقاً ، بما وصله من خبر عنّي ، وعن ولعي بالحديث وعلمالرجال ، وبشرطه الذي تعمقت فيه وصار يُسمى بين العلماء شرط البخاري ، وهويؤخذ بالاستقراء والاستعراض لا بالنص ، فبعد ساعة أطلب فيها منه أن يرينيدِقّة رميه بالسهم فيُصيب الهدف عشرة على عشرة ، بالكمال ، ينفد صبريفأطلب منه أن يبدأ رواية صحيحه عليّ ، مع الشرح وبيان أحوال السند والرجال، فأمكث معه السنوات حتى أحفظ ما هنالك ويجيزني ، وأرجع إلى حورياتيأبشرهن ، وأمشي بينهن مشية الخُيلاء والزهو ، وأتطاول على صاحب لي حَبَسَنفسَه عند الضفة يشرب ، ويأكل لحم الطير والعنب ، وعاف صحبة البخاري ، معأني أعطيته عنوانـَه ، هناك بين البُحيرة والجبل المنيف . ثمأستأذنُ البخاري أن أطوف على الإمام مُسلم لأقرأ عليه صحيحه ، وعلى أبيداود والنـَسائي والترمذي وابن ماجة والدارقطني وأبي حاتم ، في مائة منأصحاب المدونات الحديثية يروون لي أسانيدهم مباشرة ، ليعلو سندي ، ثمبطبقات الشرّاح ، ابن حجر العسقلاني والنووي ، في ثلاثة آلاف من أهل العلموتأويل الحديث ومعرفة الرجال وتأصيل الاجتهاد ، واحداً بعد الآخر ، وقلميينسخ ، ونـَفَسي محبوس ، وتحرّشاتي بهم لا تنقطع ، ألاحقهم بالسؤال ،وأستخرج من كل جواب سؤالاً جديداً ، حتى تنقضي ألوف سنين ، وهم في الفرحالغامر ، أنهم وجدوا مستهلكاً شارياً ، وتلميذاً دائباً ، ومكافئاً فيالحوار حتى إذا استوفيت غرضي من هذا الفيلق : أرسلتُ شفعاءَ إلى الخلفاءالراشدين أن يأذنوا بزيارات ، فأتأدب ولا ألحّ بسؤال ، فيروا أخلاقي ،فيتبسطوا ، ويشرعوا في الملاطفة ، فتدبَّ فيّ الشجاعة رويداً رويداً ، حتىإذا شبعتُ : تحولت إلى بقية الصحابة ، الأول فالأول ، والأعلم فالأعلم ،فيروون لي السيرة ، وأخبار بَدْر واُحُد والمعارك والغزوات ، والشهداء ،وحياة مكة والمدينة ، ووفود العرب ، وأخبار معارك القادسية واليرموك وكلّالفتوح ، ودخول الأمم في الإسلام ، ونشوء جيل التابعين ، ومَن قَاتل منهمبشجاعة ، ومَن رَصَـد نفسه للعلم ، حتى أنزل إلى مالك وأبي حنيفة والشافعي، فامكث عند كل واحد منهم الدهرَ الطويل ، يعلمني فقهه وأصول مذهبه وأسباباجتهاداته ، وتكون أيامي مع مالكٍ بخاصة مخلوطة برحمة له ، لأنه كانمصاباً بسُـكّر الدم مثلي ، وهو يحب الحلواء مثلي والرُطب ، ولا يستـطيعالإكـثار منـهما ولا أستـطيع ، لذلك أتـعـمد أن التـقط له قبل كل زيـارةما يملأ طبـقاً من البرحي و الخلاص و بقلة النارِين و الخستاوي و المجدولوأنواع رُطَب الجنة وأهديها له ، مع أنواع حلوى بالزعفران أوصي زوجاتي أنيصنعنها له ، فإنه يحب ذلك ، مُذ أهداه الإمام الليث بن سعد حمل سفينة منالزعفران والسُـكر المصري ، وكأنّ إكثاره منهما كان السبب في مرض السكر ،وبسبب هداياي له يشرع في محاباتي ، ويـهديني طبعة بماء الذهب من الموطأ ،ويخفض جناحه لي ، حتى أني لأعجب : أين ذهبت فورات غضبه على تلامذته ،وتعيـيـره لفاضل منهم أنه من روّاد دار قُدامة بسوق المدينة ، حيث مجتمعمُلاعبي الطيور ؟ ! وكأني على مدى صلتي به تعتريني رهبة أن ينسبني إلى دارقدامة آخر ببغداد ، أو إلى سوق الغزل تحت منارة مسجد الخلفاء القديم حيثاجتماع أصحاب الطير والـحَمام ، ولكنّ أخلاق الجنة غير أخلاق الدنيا ،وتمر تلمذتي له بسلام
إنمامكوثي الأطول ، وانفعالي الأعمق : يكون حين أرجع من جولة لي في الأرباضالغربية ، وأنا على مُهري الأسود ، فأجد أحمد بن حنبل ينتظرني عند مَدخلبستاني ، على عادته الجميلة في التعرف والمبادأة والتواضع ، وكأن الشافعيهو الذي أسَرّ له بخبري وعنواني ، فاستعجل ولم يُعوّل على منهجي المزدحموخُطتي المتأنية ، فملكني حياء أمام نور صدق تبعث به أسارير وجهه الكريم ،ثم استرسلت ، وانطلق مني سيل الأسئلة ، عن محنته وصبره ووعيه وصفاء عقيدتهوتمييزه للبدعة ، فروى لي دقائق أخباره ، وأخبار أصحابه وبطولاتهم معه ،وطلب منهم أن يصحبوه في زياراته الأخرى لي ، فعرفني بهم ، وكان يوماًمشهوداً لما فاجأني بالبطل الواعي والثائر الطموح وركن الدفاع بالسلاح عنالسُنـّة الغراء تلميذه وشيخ البخاري أحمد بن نصر بن سيف الخزاعي الشهيد ،فتلعثمت أمامه ، وطفقتُ أتمسح به وأمد يدي على صدره ومنكبه ورأسه ، عسى أنتسري إليّ منه عدوى الخير ، لذلك لزمتُه دهراً بعد أن روى لي الإمام أحمدمسنده وتفاريع مذهبه ، واشتقت في الجنة إلى التأليف أيضاً ، لا السماعوالرواية فقط ، فاخترت أن أكتب تجربته الفريدة في ظلال الرقابة الحنبلية .
فلماطبعته مؤسسة الرسالة في الجنة ، واعتنى الأستاذ رضوان دعبول بإخراجه : صرتأزور الشهداء وأهديهم الكتاب ، فمن ثمّ رآه الأبرار في أيادي عمر محمود وإياد العزي و عمر حوران و محمود الهاشمي وأخته ميسون الهاشمية و رعدالدليمي ورافع رايـة البـصرة يوسف الحسّان وعميد الفرات حبيب الراوي ومثالالبراءة جبار كاظم الشمري ، والنبيل بن النبيل ليث اسماعيللراوي، ثم شاعمن بعدهم في أيادي شهداء فلسطين ، وشهداء شعوب الأمة الإسلامية ، وعلى مدىالأجيال العديدة ، وتأسس مذهب الجهاد الواعي ، وتأسست شروحه الجلية التيأدلى بها شهيد إيران ناصر سبحاني .وهؤلاءالرهط الذين أنتسب لهم : تتيح قصصهم أن أمشي فخوراً ، بارز الصدر ، مرفوعالرأس ، أثناء جولاتي على ألفٍ من أبناء الأجيال الأخيرة من الأمة حوتهممنهجية حركتي في الجنة ، من بين قادة الدعوة الإسلامية ، وزعماء الجهاد ،وكبار الفقهاء ، والمتبرعين بالأموال ، وأصحاب القلم ، والشعراء .آنذاك، وعند هذه المرحلة المتقدمة يكون استـئذاني لزيـارة خير خلق الله كُلهمِ، وسيد سادات العرب والعجم ، مولى الثقلين ، نبينا مُحمّد e ، مَن حسُنتجميع خِصاله ، وكشف الدجى بـِجَـماله ، عَطّر اللهُ ذكره الكريم ، بِعطرٍشذيٍ من صلاةٍ وتسليم .وليستهي قلة أدب أن أجعل زيارته بعد زيارة أمته ، بل لأن المقام يقتضي أن أتفقهوأتعلم وأتأدب قبل المثول أمام حضرته ، وأن لا يكون مثولي مثول جاهل ،فكانت تلك الجولات العلمية ، وفي المنهج أن لا اُثقل عليه ، وأن أعرف قدْرنفسي ، فلا أطيل الحوار معه ، ولكن أطلب منه أن يدعو الله أن يأذنلملائكته الكرام أن يعرضوا علي تسجيلات مصورة لسيرته الشريفة بمثل تصويرالفيديو ، ولكن بأبعاد ثلاثة ، أرى فيها وقائع أيامه ومعاركه وصَلاتهوهجرته ، بل وطفولته وأيام شبابه ، فإذا كان البشر قد اهتدوا للفيديو ،فمن باب أولى أن يحوز الملائكة شيئاً أدق وأرقى نرى من خلاله كل التاريخ .
لذلكسأطلب منه أن يدعو الله أن يأذن للملائكة أن يروني تسجيلات متصلة على مدىآلاف السنين ، لنزول آدم عليه السلام وحواء إلى الأرض ، وذرياتهم الأولىقابيل وهابيل ، وتوالي الأجيال ، والنبوات الأولى والأقوام ، ونوح والذينمعه ، وإبراهيم عليه السلام وهجرته وأولاده، وأنبياء وملوك بني إسرائيلإلى المسيح بن مريم وتصوير معجزاته ، ورفعه ، والكيد الذي تعرّض له ،وبقايا الحنيفية في العرب ، حتى قبيل بعثة النبي مُحمّد صلى الله عليهوسلم ، كل ذلك وخلال ألوف سنين من استطراد الخلود أرى التاريخ القديم وسيرالأنبياء دقيقة بعد دقيقة ، بالأبعاد الثلاثة ، كأني أشاهد المشاهد رأىالعين .
فكأني وأنا أشكرالله وأشكر النبي صلى الله عليه وسلم على إجابة رغبتي الإيجابية : ألمحالحسن والحسين رضي الله عنهما يخرجان من وراء ظهره الشريف ، فأطير منالفرح ، واُعانق وألثم الأيادي والأكتاف ، ومنعني الحياء من جهر بالسلامعلى فاطمة الزهراء في داخل البيت ، ومعها نساء النبي وبقية بناته ، رضيالله عنهن ، فأومأت وخفضت الصوت وألجمني الأدب .فلما ذقت طعم وحلاوة رؤية التاريخ الحقيقي غير مزور ولا مبتور الخبر : أغراني الأمر فرجوت النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لي عند الله تعالىأن يجدد أمره للملائكة الكرام أن يُروني سبع مسلسلات طويلة من الفيديوالمجسم على مدى ألوف السنين :الأول : أن يجتمع الطبري وابن خلدون والخطيب البغدادي وابن العديم والجبرتي ، فيمائة من المؤرخين الذين أرخوا التاريخ الإسلامي ، وأنا بينهم ، فنرى معاًوبتعليقات منهم كل تاريخنا المشرف ، وأخبار خلفاء بني أمية وبني العباس ،ومن بعدهم من العثمانيـين والغزنويـين ، ونـَمرُ بصلاح الدين الأيوبي ،وألب أرسلان ، وفتح القسطنطينية ، وفتح الهند ، والاندفاع نـحو الصين ،ومحنة الأندلس ، وجهاد الشيخ شامل للروس في القوقاس ، وثورات الجزائر ،وبطولات عمر المختار ، ومأثرة الأفغان ، والصياغة العراقية الجديدة لمذهبنـقـض العولمة .والمسلسلالثاني : أرى فيه تاريخ البشرية ، والحضارات ، والمدنيات ، وحوادث بابلونينوى ، وأثينا وروما ، وأخبار الصين ، والفراعنة ، والإنسان القديم ،ومعيشته وصيده وحياته الأولى في الغابات والجبال ، وفي العصر الجليدي ،وأخبار عاد وثمود ، والعرب البائدة ، وحِمْـيَر وسد مأرب وسيل العرم ،وأجيالَ أخرى نجهل خبرها .
والثالث : أن اسمع للفلاسفة يتحدثون بصواب وخطأ ، وكيف أن الملائكة تقول للمخلطمنهم والملحد : اخسأ فلن تعدو قدْرَك ، وهوميروس ، وهيرودوتس ، وشعراءالأمم ، وخطبائها ، وكـتُـابها ، ومتاهات أفلاطون وأرسطو ، وتميّز سقراطعنهما وقربه من التوحيد ، ونشأة الدول الحديثة ، والخطط والمنهجيات ،والصراع الاستعماري ، والثورات التحررية ، واكتـشاف أميركا ، وتطورها ،والنهضة الصناعية ، والمخترعات ، ونابليون ، والحربين العالميتين ، وقيامإسرائيل ، ودقائق الحياة المعاصرة .
والرابع : أن تريني الملائكة عجيب خلق الله للحيوان والنبات والجماد ، والأكوانوالمجرّات والشموس والكواكب ، وكيف بدأ الخلق، وكيف حصل التطور ، وانتقلمعهم إلى الذرة والإلكترونات والبروتونات وتكوين العناصر تصاعدياً وفقالجدول الدوري ، والاتحاد الجزيئي ، والحقيقة الجسيمية والموجية للضوء ،وانطلاق الفوتونات ، والكمّات ، وأشكال الطاقة ، وارتيابات هايزنبرغ ،ونسبية اينشتاين ، فأكون على بيّنة من العلم الحقيقي وتركيبات المواد ، ثمإني اُحب أن تعلمني الملائكة الرياضيات المعقدة المتقدمة ، فإني أهواها ،وحرمتني منها السياسة ومعالجة قضايا الأمة ومشاكلها ، وأن يأذن اللهبإرسال ماكس بلانك الألماني إليّ ليعلمني ويشرح لي كيف اكتشف الثابت حينرصد سيل الفوتونات ، وأن يرسل لي بعده ألف عالم أضاف الواحد منهم اكتشافاًعلمياً إلى الرصيد الإنساني ، فاسمع لشرحهم : كيف فعلوا ذلك ؟
والخامس : أن يُنـادى في الجنة أن الله أذن لعباده أن يسـتأنفوا سوق عكاظ ، فأرىواسمع أصحاب المعلقات العشر يتغنون بها ، ويشرحون لنا لغتها ، وأريد أنأطيل محاورتي لعنترة ، وان يشرح لي : ويكَ عنترُ: أقْدِمِ !! ثم شعراءالجاهلية جميعاً ، وشعراء صدر الإسلام ، والبحتري ، والمتنبي ، في ألفشاعر منهم حافظ الشيرازي ، وسعدي الشيرازي ، نزولاً إلى البارودي وشوقيوإقبال وطبقات مفتي زادة في روحانياته وآهاته اللواعج
اعود اليكم بشوق
بروايتي الجديده
اللتي تحمل الخيال بطياته
قصة بسرد مختلف..
وكلام بعضه واقعي
والبقية خيال..
منها ما يكون رومانسيا حالما
ومنها من لا يعرف طريقا للرحمه والتعاطف
القسوه ركن اساسي بالروايه الجديده
التي تعبر عن …