رائعةٌ لـنـزار قـبّاني .. لكنها ممنوعة
لمْ يبقَ فيهِم لا أبو بكرٍ .. ولا عثمان
جميعُهُم هياكـلٌ عظمية في متحفِ الزمان
تساقطَ الفرسانُ عن سروجِهم
واُعْـلِنتْ دويْلة الخِصيان
واعتُـقِل المؤذنونَ في بيوتهم
واُلْـغِيَ الأذان
جميعُـهُم .. تضخَّـمت أثـدائُهم
وأصبحوا نسوان
جميعُهم يأتيهُمُ الحيْضُ ومشغولونَ بالحمل
وبالرضاعهْ
جميعُهم قد ذبحوا خيولهم
وارتهنوا سيوفهم
وقدّموا نساءَهم هدية لقائد الرومان
ما كان يدعى ببلاد الشام يوما
صار في الجغرافيا...
يدعى (يهودستان)
اللهْ ... يا زمان
...
لم يبقَ في دفاترِ التاريخ
لا سيفٌ ولا حِصان
جميعُهم قد تركوا نِعالهم
وهرّبوا أموالهم
وخلَّـفوا وراءهم أطفالهم
وانسحبوا إلى مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخـنَّـثوا
تكحَّـلوا...
تعطَّروا...
تمايلوا أغصان خيْزران
حتى تظنَّ خالداً ... سوزان
ومريماً .. مروان
اللهْ ... يا زمان...
...
جميعُهم موتى ... ولم يبقَ سوى لبنان
يلبسُ في كلِّ صباحٍ كَـفـناً
ويُشْعِلُ الجنوبَ إصراراً وعُنفوان
جميعُهم قد دخلوا جُحورَهم
واستمتعوا بالمسكِ , والنساءِ , والرَّيْحان
جميعُهم : مُدَجَّـنٌ , مُروَّضٌ , منافِـقٌ , مزْدَوجٌ .. جـبان
ووحدَه لبنان
يَصْـفعُ أمريكا بلا هوادة
ويُشعلُ المياهَ والشطآان
في حينِ ألفُ حاكمٍ مؤمركٍ
يأخُذُها بالصّدرِ والأحضان
هلْ ممكنٌ أن يَعْـقِـدَ الإنسانُ صُلحاً دائماً مع الهوان؟
اللهْ ... يا زمان ..
...
هل تعرفونَ من أنا ؟!
مُواطنٌ يسكُنُ في دولة ( قـَـمْـعِـسْـتان(
وهذهِ الدولة ليست نُكتة مصرية
او صورة منقولة عن كُـتُبِ البَديعِ والبيان
فأرضُ (قـَمعـِستان) جاءَ ذكرُها
في مُعجمِ البُلدان ...
وإنَّ منْ أهمِّ صادراتِها
حَقائِباً جِلدية
مصْنوعة من جسدِ الإنسان
اللهْ ... يا زمان ...
...
مِنْ أجلِ هـذا اُعْلِـنُ العِصْيان
باسمِ الملايينِ التي تُسَاقُ نَحْـوَ الذبحِ كالقِـطْعان
باسمِ الذين انْـتُـزِعَـتْ أجْـفانُهُم
واقـْـتُلِـعَـتْ أسْـنانُهُم
وَذُوِّبُـوا في حامضِ الكِبريتِ كالدِّيدان
باسمِ الذينَ ما لهُمْ صوتٌ ...
ولا رأيٌ ...
ولا لِـسان ...
سَأعْلِـنُ العِصْيان ...
...
مِنْ أجلِ هذا اُعْلِـنُ العِصْيان
باسمِ الجماهيرِ التي تَجلِسُ كالأبقار
تحتَ الشَّاشةِ الصّغيرة
باسمِ الجماهيرِ التي يُسْقونَها الوَلاءَ
بالمَلاعِقِ الكبيرة
باسمِ الجماهيرِ التي تُركـَبُ كالبعير
مِنْ مَشْرقِ الشّمسِ إلى مَغْـرِبِها
تُركـَبُ كالبعير
وما لها من الحُقُوقِ غيرَ حقِّ الماءِ والشّعير
وما لها من الطُّموحِ غيرَ أنْ تـَأخُـذَ للحلاّقِ زوجةَ الأمير
او إبنةَ الأمير ...
او كلبة الأمير ...
باسمِ الجماهيرِ التي تضرَعُ للهِ لكي يُديمَ القائدَ العظيم
وحُـزمة البرسيم
...
يا أصدقائي:
أنتُمُ الشِّعْـرَ الحقيقيَّ
ولا يُهـِمُّ أن يَضْحكَ ... أو يَعْـبِسَ ...
أو أنْ يَغْضبَ السلطان
أنتُمْ سلاطيني ...
ومنكُمْ أسْـتمدُّ المَجْدَ , والـقُـوَّة , والسلطان ...
قصائدي مَمْـنوعة ...
في المدنِ التي تنامُ فوقَ المِلحِ والحِجارة
قصائدي مَمْـنوعة ...
لأنّها تَحمِلُ للإنسانِ عِطرَ الحُبِّ , والحَضارة
قصائدي مرفوضة ...
لأنّها لكُلِّ بيتٍ تَحْمِلُ البِشارة
يا أصدقائي:
إنَّني ما زِلتُ بانتظارِكم
لـنُوقِـد الشَّـرارة !