الحذر مطلوب في السِّلْم .. وفي الحرب أَوْلى وأهمّ
إذا كان الحذر وتحقيق "الأمن" بعملٍ أمنيٍ متكامل مطلوباً في حالات السِّلْم ، فكيف به في حالات الحرب ؟ علماً بأنّ الحرب الحديثة متعددة الوجوه والأشكال :
(.. وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَة) (النساء: من الآية 102).
إنه العدوّ المتربّص في كل زمانٍ ومكان، ينتظر حالة "الغَفْلة والاسترخاء" في الصفّ الإسلامي ، وهي حالة تتعارض مع حالة "اليقظة والحذر" .
هذا العدوّ البارع بانتهاز الفرص التي تصنعها له حالة "الغَفْلة" ماذا يفعل؟!
(فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَة) ، مَيْلَةً لا تُبقي ولا تذر ، تُهلِك الحرث والنسل ، وتهتك العِرْض ، وتغتصب الأرض ، وتستولي على الديار ، وتتحكّم بعباد الله بطغيانٍ لا مثيل له !..
إنها نتائج الغَفْلة والتفريط بأسس حماية الصفّ الإسلاميّ والجماعة المسلمة والأمّة المسلمة !..
أما تنفيذ الأوامر الإلهية بامتلاك أسس الحماية ، الكفيلة بتحقيق الأمن للصفّ الإسلاميّ ، فالله عز وجل يبارك ذلك ويدعمه ويمدّه بأسباب القوّة والحصانة.
التثبّت من صحة المعلومة .. مبدأ قرآنيّ أمنيّ أخلاقيّ :
ليس التعامل مع المعلومة أصماً ، فالمعلومة في المفهوم الأمنيّ مادة خام ، تحتاج إلى التحرّي والبرهان ، فيُبنى على صحتها الموقف واتخاذ القرار المناسب .. وكم من معلومةٍ خاطئةٍ أوْدت بجماعاتٍ وأمم ، وكم من موقفٍ مصيريٍّ تم تداركه بفضل معلومةٍ صحيحةٍ تم الحصول عليها في الوقت المناسب ! وناقل المعلومة جزء مهم من اعتمادها أو تجاهلها .. من استثمارها أو نبذها وتجاهلها:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) (الحجرات:6).
إنه التحرّي الصادق الأمين ، للتثبّت من المعلومة ، قبل بناء الموقف عليها واتخاذ القرار المناسب بشأنها ، كي لا يقع الندم ، والندم هنا هو نتيجة من نتائج ظلم الناس .. وإيقاعُ الظلم بالناس هو نتيجة لتصرّفٍ أرعن متسرّع ، لا يدع المجال للتثبّت من المعلومة والتحقق من إيمان ناقلها وصدقه وتقواه وولائه .. فهل نتعلّم ونتّعظ ونفعل وننفّذ أمر الله عز وجل ؟!
الحذر من إذاعة الأخبار وترديد الإشاعات : مبدأ قرآني آخر :
لأنّ إشاعة الأمن في صفٍ متيقّظٍ حَذِر، ستنتهي به إلى التراخي والغفْلة عن العدوّ المتربّص . وكذلك إشاعة الخوف في صفٍ آمن، يمكن أن تُحدث فيه إرباكاتٍ وردّات فعلٍ غير محسوبة .. فما الحلّ ؟!
الحلّ إلهيّ من عند الله تعالى جل شأنه :
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء:83).
فالحلّ هو : ردّ الأمور إلى أولي الأمر القادرين على تحليلها واستنباط خفاياها ومراميها ، ثم اتخاذ القرار المناسب بشأنها ، وبذلك يبقى الصف الإسلاميّ آمناً مطمئناً ، محمياً بعقول أبنائه وسواعدهم وإيمانهم