الحديث الثالث عشر
عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله
(صلى الله عليه وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: "لا يؤمن أحدكم
حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". (رواه البخاري ومسلم)
شرح وفوائد الحديث
قوله صلى
الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)): الأولى أن يحمل ذلك علىعموم الأخوة ، حتي
يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام
، كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام ،ولهذا كان الدعاء بالهداية
للكافر مستحباً، والحديث محمول على نفي الإيمان الكامل عمن لم يحب لأخيه ما
يحب لنفسه . والمراد بالمحبة إرادة الخير والمنفعة، ثم المراد: المحبة
الدينية لا المحبة البشرية ، فإن الطباع البشرية قد تكره حصول الخير وتمييز
غيرها عليها ، والإنسان يجب عليه أن يخالف الطباع البشرية ويدعو لأخيه
ويتمنى له ما يحب لنفسه ،والشخص متى لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه كان حسوداً .
والحسد كما قال الغزالي:
ينقسم إلى ثلاثة أقسام :
الأول : أن يتمنى زوال
نعمة الغير وحصولها لنفسه .
الثاني : أن يتمنى زوال
نعمة الغير وإن لم تحصل له كما إذا كان عنده مثلها أو لم يكن يحبها ، وهذا
أشر من الأول .
الثالث: أن لا يتمنى
زوال النعمة عن الغير ولكن يكره ارتفاعه عليه في الحظ والمنزلة ويرضى
بالمساواةولا يرضى بالزيادة ،وهذا أيضاً محرم لأنه لم يرض بقسمة الله تعالى
:{ أهم
يقسمون رحمة ربك؟!نحن قسمنا معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضَهُم
فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذَ بعضُهًم بعضاً سخرياً ورحمةُ ربكَ خيرُُمما يجمعون} [الزخرف:32]. فمن لم يرض بالقسمة فقد عارض
الله تعالى في قسمته وحكمته.وعلى الإنسان أن يعالج نفسه ويحملها علىالرضى
بالقضاء ويخالفها بالدعاء لعدوه بما يخالف النفس.