ملتقى لمسات للثقافة العامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى لمسات للثقافة العامة

اهلا وسهلا بك يا (زائر) في (ملتقى لمسات للثقافة العامة) ,, نتمنى ان تقضي معنا وقتا طيبا
 
الرئيسيةmainfourmاليوميةالأحداثمدوناتس .و .جبحـثأحدث الصورالأعضاءالمجموعاتالتسجيلدخول

 

 خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
صقر العرب
وسام التميز
وسام التميز
صقر العرب


عدد المساهمات : 1287
نقاط العضو : 5009
تقييمات العضو : 9
تاريخ التسجيل : 02/08/2009
العمر : 49

خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Empty
مُساهمةموضوع: خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟   خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Emptyالثلاثاء سبتمبر 29, 2009 5:57 am

خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟

خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Images_News_2008_mar_26__40514967_arafatillafp203b_300_0

هذا التقرير نقلاً عن صحيفة هآرتس الإسرائيلية

"أعلم أن الاطباء في باريس وجدوا فيروسات الايدز في دم عرفات"، هذا ما يزعمه الطبيب الشخصي لرئيس السلطة الفلسطينية، الدكتور أشرف الكردي، في مقابلة هاتفية من عمان. الدكتور الكردي الذي لم يُرخص له في الانضمام الى الوفد الفلسطيني في باريس، لا يبوح باسم من أنبأه هذا النبأ المثير للضجة. ومن اجل زيادة البلبلة، يزعم ايضا بأن عرفات سُمّم، وان فيروس الايدز الذي وُجد في دمه "أُدخل في دمه من اجل التغطية على التسميم".

مهما كان الأمر عجيبا، فالكردي هو وحده من يزعم بأن رئيس السلطة الفلسطينية أصيب بالايدز. تُسمع مزاعم مشابهة من طبيب اسرائيلي، سمع عن ذلك من أحد الاطباء الفرنسيين الذين عالجوا عرفات ومن جهات في جهاز الأمن الاسرائيلي. بالرغم من أن عددا من أعراض المرض الذي تسبب بموت عرفات قبل نحو عشرة اشهر تشبه أعراض مرض الايدز، فانه لا يوجد في تقرير المرض والموت المفصل الذي كتبه فريق الاطباء الفرنسي، ذِكر لفحص كهذا، يثبت أو ينفي وجود الفيروس في دمه. البروفيسور غيل لوغاسي، رئيس اتحاد مُحللي الدم في اسرائيل، الذي قرأ التقرير الفرنسي يُعرّف تجاهل هذا الامكان انه "ببساطة شيء لا يقبله العقل ويبدو غامضا تماما". ويقول "استطيع فقط أن افترض انه لو كان هنالك فحص ايدز نتائجه سلبية لما كانت هناك مشكلة في كتابة ذلك في التقرير".

المسؤولون الكبار في السلطة الفلسطينية، في مقابلة ذلك، على قناعة ان اسرائيل هي التي تقف وراء هذا الموت الغامض. ولهم ايضا تعليلات ثقيلة الوزن. فكلهم هنالك يذكرون جيدا التصريحات القتالية للقيادة الاسرائيلية في شأن الحاجة الى حط عرفات عن الخريطة، ومحاولة اغتيال المسؤول الكبير في حماس خالد مشعل، بسُم سري لم يعرف أفضل الاطباء في الاردن كيف يواجهونه. تعوق لجنة تحقيق رسمية عينتها السلطة الفلسطينية، للتحقيق في الموت، نشر استنتاجاتها منذ بضعة اشهر.

في الاصدار الجديد لكتابهما "الحرب السابعة"، الذي يتناول الصراع ذي السنوات الخمس بين اسرائيل والفلسطينيين، يخصص الصحفيان آفي يششكروف (صوت اسرائيل) وعاموس هرئيل (هآرتس) فصلا لتحقيق مفصل في الاسابيع الأخيرة من حياة رئيس السلطة. انهما ينشران لاول مرة أهم ما في تقرير فريق الاطباء من المستشفى العسكري الفرنسي، بارسي، الذي عولج فيه عرفات في الاسبوعين الأخيرين من حياته. الاطباء الفرنسيون ايضا، الذين لا يعتقدون أن عرفات سُمم، يمتنعون من عرض سبب بديل للموت. "لا يمكن تحديد سبب يُبين الإدماج بين العلامات التي تسببت بموت المريض"، جاء في التقرير التلخيصي لقسم علاج الطواريء في المستشفى. النشرة الجديدة من "الحرب السابعة"، ستصدر في نهاية ايلول عن "يديعوت احرونوت". مختصر الفصل عن موت عرفات - الذي يشتمل، الى جانب التقرير الطبي والمزاعم بشأن وجود الايدز، على وصف لصراعات السلطة والوراثة التي تمت وراء الكواليس في السلطة الفلسطينية في حين كان الرئيس يلفظ أنفاسه الأخيرة - يُنشر هنا لاول مرة.

من هو بيلين؟

في يوم الثلاثاء، 12 تشرين الاول 2004، ظهرت علامات اولى على تدهور شديد في الوضع الصحي لياسر عرفات. لقد أصيب الرئيس كما قرر أطباؤه بمرض في جهاز الهضم. قبل ذلك بكثير ايضا، عانى عرفات أمراضا مختلفة: نزف دم في الجمجمة بسبب حادثة طائرة، فتيليغو (مرض جلدي)، ورجفة عامة عولجت بأدوية في العقد الأخير من حياته، والتهابا في المعدة أصيب به منذ تشرين الاول 2003 وهلمجرا. وفي السنة الأخيرة من حياته، ازدادت أمراض عرفات حدة حتى لقد أثرت في وضعه النفسي. "تم تشخيص جرح معدة وحصى في كيس المرارة عنده. انهار الرئيس عدة مرات، وعانى ضعفا عاما وكان مزاجه خاضعا لارتفاعات وانخفاضات"، يقول أحد مقربيه. "لقد شعر بأن الحصار حوله يضيق وأن العالم يفقد الاهتمام به. كان يبدو ان الجميع نسوه". مال عرفات الى عدم تصديق من حوله، وكان على حق احيانا. "لقد طلب بيانات عن كل وثيقة وصلت الى المكتب وعندما قدموا له ملاحظات عن حساسيته غضب، وارتجف جسمه كله وصاح: أنا معكور" .

عانى عرفات زيادة على التدهور النفسي والضعف الجسماني، احيانا ايضا فقدان ذاكرة جزئيا. لقد قضى ساعات على ساعات في القراءة وهو يجلس على الجسر في المقاطعة المحاصرة، في المكان الوحيد الذي كان يستطيع أن يستمتع بأشعة الشمس فيه. في احدى المرات، عندما واجه تقريرا سمى أحد معارفه القدماء، رئيس ميرتس، عضو الكنيست يوسي بيلين، فاجأ مصاحبيه بسؤاله: "من هو بيلين؟". وصلت الامور ذروتها عندما سأل عن اسم ابنته "زهوة". يقول مقرب لعرفات "تغير أبو عمار". "قبل نحو شهرين من انهياره، كان الرئيس يحتاج الى مساعدة في احتذاء نعليه وفي السير. لقد بدا منكسرا". ولكن عندما جاءت قدوم فلسطينية لزيارة عرفات، كان يبدو أن الحديث عن شخص آخر. "لقد احتضن وقبّل كل من جاء لرؤيته. كان مزاجه ممتازا وتقبل فرحاً كل هدية وصلته". ابتلع عرفات بمعدل مذهل أدوية جاء له بها الزائرون، لكن زعم على مسامع رجاله أن الحديث عن فيتامينات كتبها له الاطباء. عندما استوضح المقربون، رد الاطباء انهم لم يعطوا الرئيس أي وصفة جديدة. "سألته لماذا يأخذ هذه الادوية، فصدني عنه بجوابه: "خلي على الله" "، يقول المقرب.

في يوم الثلاثاء نفسه، بعد العشاء، لاحظ ماكثو المقاطعة أن الرئيس يصعب عليه ان يقف وحده على رجليه. شكا عرفات انه يعاني غثيانا وقيئا. طلب القنصل العام لمصر في السلطة، نادر العاصر الى عرفات ان يأذن له بأن يرسل اليه وفد اطباء مصريين. وافق الرئيس وفي الغد، في 13 تشرين الاول، أُجريت عليه فحوص شاملة. اكتفى الفريق المصري بتقرير أن عرفات مصاب بنزلة صدرية وعاد الى القاهرة. لم يُجهد أحد نفسه بابلاغ طبيبه الشخصي، الدكتور اشرف الكردي، عن سوء الوضع الصحي للرئيس. "لست أعرف لماذا"، يقول الكردي. "في الماضي اعتادوا استصراخي بسبب كل نزلة صدرية خفيفة عاناها أبو عمار".

في 18 تشرين الاول أرسل رئيس تونس، زين الدين العابدين، وفدا طبيا من قبله الى المقاطعة. شخص الفريق التونسي لاول مرة أن عرفات قد أصيب بالترومبوتستوفانيا (انخفاض في عدد أقراص الدم التي تشارك في عمليات تجلط الدم). لم يكن سبب الظاهرة واضحا وأوصى الاطباء بأن ينتقل عرفات الى العلاج والمتابعة في المستشفى في رام الله. أوضح التونسيون لمستشاري الرئيس أن غرفة العلاج المرتجلة في المقاطعة لا تكفي، مع اجهزتها الطبية الأساسية. عرفات، الذي رفض في السنة الماضية مطالب مشابهة، خوفا من ألا تسمح له اسرائيل بالعودة الى مكتبه، لم يرفض في هذه المرة الاقتراح رفضا باتا.

زار رئيس الحكومة الفلسطيني أبو علاء عرفات كل يوم منذ اكتُشفت "النزلة الصدرية" عند الرئيس. كانت تلك أحاديث تحديث بما يحدث في السلطة وفي الساحة الدولية. عرفات، بالرغم من تعبه، أبدى اهتماما كبيرا بالتطورات. ثار انطباع لدى أبي علاء أن "الختيار" سينجح في تجاوز هذا المرض ايضا. ولكن في يوم الثلاثاء، 25 تشرين الاول، قبل الصباح هاتفه رمزي خوري، رئيس مكتب الرئيس وأبلغه عن تدهور حاد في وضع الرئيس. عرفات، قال خوري، يعاني آلام بطن شديدة، وإرهاقا ومشكلة تركيز شديدة. انه يتقيأ كل زاد يبتلعه ولا يعرف بعضا ممن حوله. هاتف أبو علاء في نفس الليلة أبا مازن (محمود عباس). أوضح أن وضع عرفات ازداد خطورة وأن على أبي مازن ان يزوره. أبو مازن، رد على الاقتراح بالايجاب.

أظهر فحص الدم الذي أجري على عرفات في تلك الليلة انخفاضا حادا آخر في عدد أقراص الدم. انتهى العد في ذلك اليوم الى 46 ألف قرص. عند انسان سليم يفترض أن تكون نحوا من 150 ألفا. الفحص عن مخ العظام المسؤول عن انتاج الأقراص كان سويا، وهي حقيقة تسببت بكثرة علامات الاستفهام. رفضت سلسلة فحوص اخرى امكانية سرطان الدم (اللوكيميا) ولم توجد أدلة على تلوث شديد في الجسم. ضغط رئيس الفريق المصري، الدكتور ابراهيم مصطفى، لنقل عرفات من فوره الى المستشفى في رام الله. في النهاية تقرر انتظار فريق طبي ثالث، اردني، يُبدي رأيا آخر. آنذاك فقط، في يوم الاربعاء صباحا، استُصرخ الى رام الله الطبيب الشخصي الكردي. استدعيت ايضا السيدة الاولى، سهى عرفات الآن بتعجل من تونس، حيث كانت تزورها، الى المقاطعة. في الليلة بين الاربعاء والخميس تجمع في المقاطعة عشرات الاطباء، والمقربين والمستشارين. أقام الصحفيون خيمة عند مدخل المقاطعة، ينتظرون البشائر الطبية.

"عندما قابلته في يوم الخميس، لم يكن ذاك عرفات الذي عرفت"، يقول الدكتور الكردي. "لقد عانى فقدان وزن، وآلاما في منطقة الكلى والبطن، وفقدانا تاما لشهوة الطعام وانخفاضا في انتاج أقراص الدم. كانت له بقع مستديرة حمراء كبيرة على وجهه، وجلد أصفر. سيقول لك كل طبيب إن هذه كانت أعراض تسميم". يقول خبير الدم من مستشفى هداسا عين كارم انه اذا كان الحديث عن تسميم، فانه كان سيُلحظ ايضا انخفاض في انتاج الكريات البيضاء - وهذا الامر لم يحدث. ولكن في زعم الكردي، ربما يكون الحديث عن سُم غير معروف لا يجب أن يعمل كـ "سم عادي" وأن يمس بالكريات البيضاء ايضا.

"كانت أعراض غريبة كثيرة"، يُلح الكردي. "جمعت طواقم الاطباء وطلبت اليهم تقريرا عن نتائج فحوصهم حتى ذلك الحين. بيّن رؤساء الطواقم لي ان نقص أقراص الدم لم يحدث نتيجة وقف انتاج الأقراص في مخ العظام بل من هدم الأقراص في الدورة الدموية. يوجد إمكان سرطان معدة ايضا، اللوكيميا أو التلوث رُفضا. الامكانان اللذان بقيا كسببين للمرض كانا فشلا مناعيا أو تسميما. بين الاطباء انه يمكن الفحص عن هذه الفروض في مستشفى في الخارج فقط". أثارت البقع الحمراء على وجه الرئيس انتباها كبيرا. يصعب أن نحدد هل نبعت من نزف دم نتيجة لمشكلات في تجلط الدم أو أنها بقع تسمى بقع "السركوما" (بقع تنتشر في الأساس بين اليهود الغربيين ومرضى الايدز). يقول الدكتور الكردي انه لا يعرف يقينا اذا كان قد أُجري على عرفات فحص ايدز في اطار الفحوص التي أجراها الفريقان التونسي والمصري. عندما سأل الاطباء هل أُجري فحص ايدز، أجاب الاطباء من تونس بالايجاب وزعموا أن النتائج كانت سلبية.

الشقراء تتولى القيادة

لم ترَ سهى عرفات زوجها في السنين الاربع التي سبقت موته. لقد سكنت شقة فخمة في باريس مع ابنتها زهوة واعتاشت من مخصص شهري حصلت عليه من مكتب عرفات، مقداره نحو 50 ألف دولار. في زعم أحد مقربي عرفات، منحها الرئيس في اثناء اقامتها في فرنسا كل ما طلبت، خوف أن تُسرب تفصيلات سرية عن علاقاتهما. . في باريس صحبها حارس شخصي الى كل مكان. في احيان كثيرة ظهرت تصحب رجل اعمال مسيحيا - لبنانيا، بيير رزق، أقام علاقات متشعبة بشركات اقتصادية تتصل بالسلطة وبـ م.ت.ف. .

"عندما دخلت سهى الغرفة الضيقة للرئيس، وفيها سرير لفرد، عرفها من فوره ودعاها "حبيبتي" و"عزيزتي" "، يقول أحد حضور اللقاء. "قبّلته سهى على خده ورد عليها بقبلة. منذ هذه اللحظة فما تلاها تولت قيادة ما يجري على نحو تام. بعد أن حودثت بوضعه الصحي، أقنعت الرئيس بأنه يحتاج الى علاج في الخارج، حلّت سهى معضلة هدف السفر وأعلنت عن أنها هي وزوجها قررا أن يكون العلاج في مستشفى في باريس، مقر سكنها".

الآن بدأت المشاورات المتعجلة مع فرنسا ومع اسرائيل، التي طُلب اليها أن تُمكّن من خروج عرفات الى الخارج، ومن عودته ايضا. توجه أبو علاء الى القنصل الامريكي لكي تتأكد الولايات المتحدة أن "الاسرائيليين لن يعوقوا" وفي النهاية تحدث مباشرة الى رئيس الحكومة اريئيل شارون، الذي وافق على أن يخرج عرفات لفحوص في مستشفى في رام الله. لم يكن واضحا للفلسطينيين أكان الإذن جاري الفعل ايضا بالقياس للخروج للخارج ولهذا هاتف عضو الكنيست احمد طيبي مستشار شارون، دوف فايسغلاس، وحصل منه على وعد اسرائيلي رسمي أن يستطيع عرفات الخروج الى فرنسا والعودة من هناك الى رام الله. حتى لقد اقترح شارون إرسال فريق اطباء اسرائيلي للمساعدة في الفحوص.

بعد الحصول على جميع الرُخص، دخل غرفة الرئيس أبو مازن، وأبو علاء وياسر عبد ربه. "يجب عليك أن تمر في علاج في الخارج لكي يكون في الامكان مساعدتك"، توجه اليه أبو مازن. "نجح عرفات في الجلوس حتى لقد أكل قليلا"، يقول أحد الحضور. "كان مزاجه حسنا واستمتع بأن يسمع منا عمن هاتف وعمن سأل عن سلامته". بعدهم دخل محمد دحلان ورشيد. "أنت مريض وعليك أن تسافر. لا تقلق لشأن عودتك"، قال دحلان للرئيس. رد عرفات: "حسن، سأسافر، ولكن ستأتي أنت ورشيد معي. سنكون هنالك ليومين وسنعود". سأل أحد الحضور الرئيس، بسخرية، أيريد دحلان الى جانبه لأنه يخاف أن يُجدث المشكلات في البيت ساعة غيابه. ضحك عرفات ورد أنه "أُحب أبو فادي (دحلان)".

في غرفة الجلوس المجاورة ابتدأ النقاش المشحون الذي يتصل بتولي منصب عرفات اثناء غيابه. اجتمع عشرة من المسؤولين الكبار في السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية وقرروا أن يكون أبو مازن، كأمين عام لـ م.ت.ف قائم مقام رئيس المنظمة ايضا. سيتابع أبو علاء ولاية رئاسة الحكومة ويحصل على الصلاحيات التي منحها القانون له لكن عرفات سلبه إياها، في موضوعات الخارجية والأمن. مع انقضاء النقاش نشر اعلان للصحف جاء فيه أن اللجنة التنفيذية لـ م.ت.ف تتمنى لأبي عمار الصحة والشفاء العاجل وأن عرفات يخرج لعلاج طبي في الخارج، وسُلمت ايضا أسماء القائمين مقام عرفات.

في منتصف جلسة متأخرة بعد، أجرتها القيادة الفلسطينية الموسعة، دخلت سهى عرفات الغرفة، بالرغم من أن كثيرا من المشاركين لم يفهموا لماذا تشارك في جلسة القيادة. سيطرت على ادارة الجلسة وبينت للحاضرين أنها ستخرج مع زوجها الى باريس في الغد صباحا. اقترح أحد مسؤولي فتح الكبار أن يدير أبو علاء الاتصالات بالفرنسيين، لكن سهى رفضت ذلك رفضا باتا، بصراخ تقريبا. "أنا زوجته، أنا المسؤولة عنه"، قالت. "نسقت كل شيء مع الفرنسيين ولا توجد حاجة لتدخل آخر". بعد زمن قصير دخلت الغرفة أم سهى ايضا، ريموندا الطويل. "كان معلوما للجميع أنهما لم ترَ احداهما الاخرى زمنا طويلا"، يقول أحد اعضاء القيادة. "توقعنا لقاء دراميا، لكننا دهشنا لرؤية أن سهى لم تقم حتى لاستقبال أمها. انحنت ريموندا اليها، واحتضنتها وقبلتها وقالت "حبيبتي سهى". لكن الابنة اكتفت بقبلة وبسلام بارد: "أهلا، يا ماما" ".

لا تخف، أنا عائد

عرفات نفسه نام الليلة الأخيرة كلها تقريبا التي كانت له في رام الله. في يوم الجمعة، في الثالثة قبل الفجر، دخل غرفته الأمين العام للسلطة الطيب عبد الرحيم وجبريل الرجوب. جلس عرفات على طرف سريره. أمسك الرئيس بيدي الأمين العام للسلطة وقبلهما، وعندها توجه الى الحضور في الغرفة وطلب ما بدا لعدد منهم الطلب الأخير: "عليكم أن تهتموا بأن تتزوج ابنتي زهوة رجلا محترما". كانت هذه الوصية الوحيدة لعرفات. لم يقل شيئا عن الورثة أو عن القائمين مقامه.

في ساعة مبكرة من الصباح هبطت في ساحة المقاطعة مروحيتان من طراز سوبر فارلون اردنيتان، احداهما مزودة بعتاد طبي متقدم. بطلب من الرئيس، انضم اليه الى باريس دحلان، ورشيد، وأبو ردينة، وخوري، وسهى ايضا، وأحد الاطباء الاردنيين وفريق حراسه. حمل رشيد معه حقيبة فيها نصف مليون دولار نقدا، كان يفترض أن تكفي كل حاجات الحاشية في باريس. "طلب الرئيس إلي أن أخرج الى الساحة وأن أستقبل الطيار"، يقول أحد مقربيه. "فعلت ذلك وعندما عدت قلت له انه يمكنه الخروج الى المروحية. كان عرفات حائرا وسأل: "أي مروحية؟". بينت أن الحديث عن مروحية سنسافر فيها الى الاردن وبعد ذلك سنطير نحو المستشفى في باريس. أجاب الرئيس: "لماذا المستشفى ولماذا باريس؟"، لقد كان مطموسا على عقله حتى لم يفهم ما يحدث حوله" ".

بعد مضي زمن قصير خرج عرفات من مبنى المقاطعة، واقفا على رجليه، لكنه يعتمد على المساعدين والحُراس. كانت هذه المرة الاولى التي يخرج فيها من المقاطعة المحاصرة بعد أكثر من سنتين. مع صعوده الى الطائرة، لاحظ الرئيس صائب عريقات يُكفكف دمعة. عرفات، الذي لوح بيديه بالسلام في كل صوب، توجه الى عريقات وقال له بالعربية بلهجة مصرية: "متخفش، أنا حرجع". أقلعة المروحيتان الى عمان مُبقيتان وراءهما في رام الله رهجا كثيرا، ومسؤولين فلسطينيين كبارا، بعضهم يبكي وبعضهم أقل أو على نحو معتاد وطبيبه الشخصي ايضا، الكردي، الذي خُلف مرة اخرى منسيا.

المستشفى "بارسي" معروف كأحد المراكز الطبية الجيدة في اوروبا لعلاج أمراض الدم. ولكن لكونه مستشفى عسكريا، طلب مديروه أن يكون حضور مصاحبي المرضى في المكان ضيقا قدر الامكان ويُحتاج الامر الى تصريح لقريب عائلة قرابة اولى، وهي سهى عرفات في هذه الحالة. هذا الرسم خدم مصالح سهى التي أبعدت ثلاثة من مقربي عرفات في الحاشية، دحلان، وأبو ردينة ورشيد، عن كل اتصال بالرئيس. اضطر الثلاثة الى البقاء في فندق بعيد، "انتركونتننتال"، يقول أحد أفراد الحاشية "انها نكّلت بهم ببساطة". "لقد اضطروا الى الخضوع لمن لم تكن الى جانبه في اثناء السنين الاربع الأصعب في حياته. جلس الثلاثة في الفندق، يقتلهم الملل، وتحدثوا في الهاتف مع الصحفيين، يتظاهرون بأنهم على تحديث بالوضع. كان رشيد هنالك بمثابة صندوق يمشي على قدميه. كل من احتاج الى المال للطعام أو للباس، كان يطلب اليه وكان رشيد يسحب من الحقيبة الأوراق النقدية ويوزع".

المريض غرق في غيبوبة

التقرير الطبي لفريق مستشفى "بارسي" هو احدى الوثائق الأكثر حفظا للسلطة الفلسطينية. سُلمت نسخة واحدة منه للأرملة، سهى عرفات. ونُقلت نسخ معدودة اخرى الى أيدي بعض كبار المسؤولين في السلطة. في مئات الصفحات، يوثق الاطباء كل فحص مر على الرئيس في فرنسا، وكل شك فُحص ويسترجعون ماضيه الطبي. الوثائق المختلفة محفوظة في إضبارتين سميكتين. نتائجهم، التي تنشر هنا لاول مرة، تبسط قصة الاسبوعين اللذين احتُضر فيهما عرفات في باريس، لكنهم يمتنعون من عرض علّة لموت الرئيس، تتجاوز تقرير أن هذا نتج عن نزف شديد داخل المخ، أفضى الى انحطاط المخ نحو قاعدة الجمجمة. "من نقاش جرى بين عدد كبير من حبراء الطب من تخصصات شتى ومن الفحص عن كل نتائج الفحوص التي أُجريت، يظهر أنه لا يمكن تحديد سبب يُبين تآلف الأعراض التي كانت سببا الى موت المريض (عرفات)"، يكتب البروفيسور ب. بيتس، في ملخص التقرير لقسم علاج الطواريء في المستشفى.

في الايام الثلاثة الاولى من علاجه كان ما يزال يسود تفاؤل حاشية الرئيس. أبدى عرفات علامات انتعاش. قلت آلام البطن، ولم تظهر أي علامات على ورم، واستقرت تنغيصات التجلط وعاد عرفات الى الأكل (في اليومين الأولين كان يُغذى من طريق الوريد). "كان تحسن في وضع الذعر والبلبلة، قام المريض بنشاط صغير مثل المشي في الغرفة وكان اتصاله بمقربيه حسن"، ورد في التقرير الطبي. في الليلة الخامسة من علاجه ابتدأ تدهور شديد. انخفض انتاج أقراص الدم مرة اخرى، "عاد المريض ليكون غافيا، ومتعبا ومبلبلا. في الغد جرى تشخيص انحطاط آخر ولم يكن هنالك رد على المحيط. بيّن فحص عصبي أن عرفات ذهب في غيبوبة ورد فقط على تنبيهات مادية مثل الوخز. عانى القسم الأيسر من جسمه شللا وبيّن فحص النشاط الكهربائي للدماغ تباطؤا ملحوظا". كتب اطباء قسم علاج الدم الذي كان يعالج فيه عرفات حتى نقله الى قسم علاج الطواريء أن "المريض ابن الخامسة والسبعين، غرق في غيبوبة نتيجة لتلوث، ومشكلات تجلط أو كليهما معا. عولج بسبب مرض في الأمعاء يُذكر بالتهاب في الأمعاء الغليظة مع مشكلات تجلط، ولكن من غير أن يُلحظ تلوث (يسبب التهابا) في زمن النقل الى قسم علاج الطواريء. وُجد دليل على هيموبيغسيتوزس (وهو وضع تبتلع فيه خلايا جهاز المناعة كريات حمراء يظهر احيانا عند مرضى الايدز). تطور تدهور وضع الوعي الذي مصدره الدماغ، ليكون غيبوبة اضطرت الى نقل المريض الى وحدة علاج الطواريء في يوم علاجه السادس". نُقل عرفات الى الوحدة، ونُقلت الى جسمه أدوية كثيرة وقرر الاطباء الحفاظ على وضع الغيبوبة لكي يستطيع الجسم مواجهة الضيق الذي دُفع اليه. لكن شيئا مما فعلوا لم يساعد. بُيّن لمقربي عرفات أن الرئيس موجود في وضع ريفيرزبل كوما. أي غيبوبة انعكاس. مع مرور الساعات غرق عرفات في غيبوبة عميقة. ولم تكن هذه المرة منعكسة ايضا.

بالرغم من الانقطاع عن المستشفى، تابع دحلان الحصول على تقارير دائمة من الاستخبارات الفرنسية عن وضع الرئيس. في الثالث من تشرين الثاني هاتفه أحد ضباط الاستخبارات وقال له ان عرفات في وضع حرج و"الحديث عن مسألة ساعات". قرر دحلان العمل. خرج الى المستشفى ولقي سهى، لكنها رفضت في هذه المرة ايضا أن تُمكنه من زيارة قائده ورفضت اقتراحه أن يستدعي الى باريس أبا مازن وأبا علاء. شخص دحلان الى رام الله ليُحدث الوريث أبا مازن بالوضع. في هذه الاثناء كان قد وصل الى المستشفى رئيس فرنسا، جاك شيراك، الذي نظر الى عرفات من خلال نافذة زجاجية في غرفة علاج الطواريء. شيراك، الذي سمع عن الغضب الذي يثيره رفض سهى تمكين قيادة السلطة من رؤية عرفات قبل موته، توجه اليها وطلب أن توافق على الزيارة مع ذلك. "انه في الحق زوجك، لكن الحديث هنا عن شخصية عامة ايضا"، بيّن. سهى الغاضبة لم تتردد في إجابة ضيفها بشدة ايضا: "اذا ما سمحتَ للمسؤولين الكبار بزيارته، فسأقدم شكوى عنك الى المحكمة. لا تتدخل".

التقى دحلان مقدمه الى رام الله، وأبا مازن وحدهما. أشار عليه بالخروج عاجلا الى باريس، بالرغم من معارضة زوجة الرئيس. حار أبو مازن وأبو علاء. لقد تخوفا ان يصلا الى مستشفى "بارسي" وأن يُطردا من هناك، وستجد القصة طريقها الى الاعلام وقد يكونان متهمين بمحاولة عزل. تحدث دحلان مرة اخرى الى سهى، هذه المرة من بيت أبي مازن، بحضور مسؤولي السلطة الكبار: "نحن نُجلك وسنساعدك"، وعد. لكن سهى بقيت على حالها. "لن أسمح لأي أحد بالدخول اليه"، قررت. في نهاية الامر توجه الأمين العام للسلطة الطيب عبد الرحيم الى الحضور وحذرهم قائلا "قد تسقط السلطة الفلسطينية اذا لم يخرج وفد من فوره الى باريس". وافق المشاركون في اللقاء وبعد مضي ساعة قصيرة خرج أبو العلاء، وأبو مازن ورئيس المجلس التشريعي، روحي فتوح، الى فرنسا.

عندما سمعت سهى أن الوفد الفلسطيني في طريقه الى باريس خرجت عن طورها. أرسل محاموها رسالة الى ادارة المستشفى وهددوا بتقديم دعوى اذا ما مُكّن المسؤولون الفلسطينيون الكبار من الزيارة. في السابع من تشرين الثاني، رفضت سهى لاسباب غير واضحة توصية لا لبس فيها من فريق الاطباء أن يُجرى على عرفات فحص بيوفسيا في الكبد لنفي امكانية مرض لمفاوي نادر. في المقابل، توجهت الى مراسل شبكة "الجزيرة" في اسرائيل وفي المناطق، وليد العمري، وطلبت اليه أن ينقل اعلانا خاصا ببث حي. دهش العمري، مثل ملايين مشاهديه، لسماع الاقوال التي قرأتها مكتوبة، في حديث هاتفي معه: "هذه دعوة للشعب الفلسطيني. إن جماعة من المتآمرين تريد دفن أبي عمار وهو ما يزال حياً.. لكنه في وضع صحي جيد وسيعود. لن أسمح بذلك".

عمل الاعلان الدراماتي مثل عصا مرتدة. أجرت وسائل الاعلام في ذلك اليوم لقاءات مع مواطنين فلسطينيين هاجموا سهى بسباب مقذع. شعر مسؤولو السلطة الكبار، الذين كانوا قد وصلوا في تلك الاثناء الى باريس، شعورا جيدا بالدعم الذي يصل من المناطق. في مقابلة ذلك تحدث رئيس تونس الى سهى وحذرها انها "تجاوزت كل حد". عمل النقد عمله. عندما وصل الوفد الفلسطيني الى مستشفى "بارسي" (بعد لقاء مع الرئيس شيراك)، انقضت سهى على اعضائه باكية، واحتضنتهم وقبّلتهم واعتذرت من فعلها. ومع ذلك تم الاتفاق على أن يُسمح لأبي علاء فقط بزيارة عرفات.

"انهار أبو العلاء في اللحظة التي دخل فيها الغرفة ورأى الرئيس"، يقول أحد النظارة من خلال النافذة. "كان جسم الرئيس كله موصولا بأنابيب، وقد فقد وزنا بصورة ملحوظة ولم يكن في وعيه. اضطر أفراد الفريق الطبي الى مساعدة أبي العلاء على القيام عن الارض".

حصل اعضاء الوفد على توجيه رسمي من الفريق الطبي عن حالة الرئيس (بحسب قرار السلطات الفرنسية وخلافا لطلب سهى). "بيّن رئيس فريق الاطباء في بارسي ومدير المستشفى لنا أن كل اجهزة الجسم وقفت عن العمل"، يقول ناصر القدوة، ابن شقيقة الرئيس، الذي كان آنذاك سفير منظمة التحرير الفلسطينية في الامم المتحدة. "قالوا إن الامر قد ينشأ عن عدة اسباب: السرطان، أو تلوث شديد أو تسميم. لكن الاطباء بينوا انهم كشفوا يقينا عن ان عرفات ليس عنده سرطان ولم يوجد فيه تلوث شديد. وبحسب اقوالهم، لم يجدوا دليلا على أي سُم معروف". عاد الوفد الفلسطيني أدراجه الى رام الله وقد غدا واضحا لاعضائه أنه يجب الاستعداد سريعا لجنازة عرفات ولنقل السلطة. بطلب من العائلة، سافر رئيس المحاكم الشرعية في المناطق، الشيخ بيوض التميمي الى باريس، لكي يكون رجل دين بجوار الرئيس في لحظاته الأخيرة.

بقي الآن فقط الاعلان الرسمي عن موت عرفات، لكن هذا تابع تأخره. مرت ستة ايام منذ أن غاب عن الوعي، لكن الشيخ التميمي أبلغ من المستشفى أن أبا عمار، الموصول بآلات التنفس، ما يزال حيا. بحسب الشريعة الاسلامية، يحظر حظرا شديدا فصل انسان من آلة التنفس، وهو ما يزال يُعرّف حيا. في يوم الثلاثاء، التاسع من تشرين الثاني، في الرابعة فجرا فتح عرفات عينيه للمرة الأخيرة. رد على اللمس وعلى الخطاب الشفهي. بعد ذلك بنحو ساعة لم يعد هنالك رد. بيّن فحص سي.تي أُجري على دماغ الرئيس نزفا شديدا، "مثل تسونامي"، في أجزاء مختلفة من الدماغ. رُفض إمكان عملية جراحية رفضا تاما بسبب وضعه العام. "علمنا في لاوعينا ان الامر قد انقضى، لكننا تابعنا التأمل طول الوقت"، يقول القدوة. ولكن في الحادي عشر من تشرين الثاني في الساعة 3:30 فجرا، مات عرفات في المستشفى في باريس، بعد نحو اسبوعين من تركه المقاطعة، التي سيُدفن فيها لاحقا.

أُعيدت جثة الرئيس الى المقر الرئاسي في رام الله، بعد مراسم وداع منضبطة في القاهرة وفي باريس. هبطت مروحيتان من طراز سوبر فارلون، مصريتان هذه المرة، وهما محاطتان بجمهور كبير. هبّ آلاف الناس نحو المروحية التي حملت جثة "الأب". لم تُستجب توسلات المنظمين أن يُمكّن جمهور عشرات الآلاف من نقل تابوت عرفات الى مكان الدفن. أطلق عشرات من أفراد قوات الأمن النار في الهواء يهدفون الى تفريق الجموع، لكن اطلاق النار اختلط باطلاق نار التشريف للمسلحين من كتائب شهداء الاقصى. بعد بضع ساعات فقط، في خضم الهياج الكبير، نجح منظمو الجنازة في دفن ياسر عرفات، وقلة قليلة فقط من الحاضرين تشهد ذلك. فضلت الأرملة سهى عرفات أن لا تجيء الى المراسم في رام الله، بعد أن أُوضح لها انها لن تُستقبل استقبالا حسنا.

أتسميم، أم ايدز أم تلوث؟

مات ياسر عرفات في سن متقدمة، بعد أن عاش بضع سنين في غرفة ضيقة، بلا نفوذ هواء. لقد كان تحت ضغط نفسي ضخم كزعيم للسلطة ولـ م.ت.ف وقد تعرضت حياته في السنين الأخيرة للخطر أكثر من مرة، تحت الحصار الذي ضربته اسرائيل عليه في احيان متقاربة. وما يزال كل المسؤولين الكبار في السلطة الذين تحدث اليهم المؤلفان، على شك ان الرئيس لم يمت موتا طبيعيا بل بتسميم. "أرادت اسرائيل أن تقضي على أبي عمار وقد سممت في الماضي خالد مشعل، فلماذا لا تحاول ذلك مرة اخرى؟"، يقولون.

يرفض التقرير الرسمي الفرنسي تماما تقريبا امكانية التسميم. يُبين تقرير سموم منفصل مضموم الى التقرير الفرنسي أن كل فحوص السموم التي أُجريت في ثلاثة مختبرات سُم بينت نتائج سلبية. يعرض التقرير سلسلة من السموم المعروفة (بيرتستامول، كنابيس، كوكايين، أمفيتامين، وماكيدون وغيرها) بحثت عنها مختبرات السموم في فرنسا في دم عرفات. انهم لم يستطيعوا البحث عن سموم غير معروفة عندهم. تمت جميع الفحوص تحت أسماء مختلقة. تظهر فحوص السموم في التقرير المنفصل تحت اسم "التيين لوفيه"، أحد مواليد 1932. في مقابلة ذلك، لا يقرر التقرير على وجه اليقين سبب مرض الرئيس.

"فحوص السُم التي أجريت والمشاورات بين الخبراء من عدد من أنواع التخصصات لا تُجيز ان التسميم يشكل تفسيرا لوضع المريض"، جاء في التقرير التلخيصي لوحدة علاج الطواريء، في المادة التي تتناول فحص السموم. فرنسا، في هذا المقام، رفضت في البدء نقل التقرير الطبي الى السلطة الفلسطينية بزعم أن أبناء العائلة فقط مخولون الحصول عليه. وكتسوية تقرر أن يُنقل التقرير الى ناصر القدوة، ابن الشقيقة. نقل القدوة التقرير لينظر فيه رئيس الحكومة أبو العلاء ووزير الصحة الفلسطيني.

التقدير واسترجاع الايام الأخيرة للرئيس يثيران اسئلة محيرة: ففحوص عينات الدم والأقراص التي أجراها فريق الاطباء التونسي على عرفات وهو ما يزال في المقاطعة، نُقلت الى سفارة م.ت.ف في الاردن. وكان يفترض أن تُنقل من عمان الى تونس والى باريس، لكن آثارها اختفت. يمتنع التقرير ايضا عن ذكر البقع التي ظهرت على وجه عرفات. يصعب ايضا بيان رفض سهى اجراء تحليل لكبد زوجها. يقول اطباء اسرائيليون نظروا في التقرير ان لديهم انطباعا ان الحديث عن وثيقة مفصلة بحسب الطلب، "مطبوخة" تقريبا، وكأنما أُعد مع التفكير بانعكاسات امكانات نشره.

ولكن الأكثر غموضا هو حقيقة أن التقرير الذي يحتل مئات الصفحات، ويشتمل على كل دواء، أو فحص أو مرض ممكن قد تتعلق بموت عرفات لا يذكر ولو بكلمة واحدة إمكان ان يكون عرفات قد أصيب بالايدز، أو أن يكون قد أُجري عليه فحص لنفي هذا الامكان. يزعم طبيب اسرائيلي رفيع بأن عرفات أصيب بالايدز قبل موته بقليل. سمع الرجل من صديقه القريب، وهو طبيب فرنسي في الفريق الذي عالج عرفات في ايامه الأخيرة، أن الرئيس كان مصابا بالايدز. توافق جهات أمنية اسرائيلية على أن البلاغ عن الايدز وصل مسامعهم، لكنهم يمتنعون عن البت في صحة ذلك. في الجانب الفلسطيني ايضا هنالك من يعرفون، أو حتى يوافقون على نظرية الايدز، لكنهم يعتقدون أنها تتعلق بالتسميم. "أعرف أن الاطباء في باريس وجدوا فيروسات ايدز في دم عرفات"، يقول الطبيب الشخصي الدكتور الكردي، "لكن الحديث عن مادة أُدخلت في جسمه للتغطية على التسميم"، كما يزعم. الكردي، الذي أُبعد عن معالَجِه كما قيل آنفا، في الاسابيع الأخيرة من حياة عرفات، امتنع عن تفصيل كيف وصلت اليه هذه المعلومات.

يقول البروفيسور غيل لوغاسي، رئيس اتحاد خبراء الدم في اسرائيل، والذي قرأ التقرير الفرنسي، إن الأعراض الموصوفة يمكن ان تكون مميزة للايدز. "تلوث يبدأ في جهاز الهضم ويتدهور سريعا جدا نحو انهيار جهاز التجلط مميز للايدز. إن ما لا يقبله العقل ببساطة ويبدو غامضا تماما هو التجاهل التام لامكان الايدز. تُذكر في التقرير عشرات الأمراض التي فُحص عنها أو الجراثيم، لكن لا يوجد أي دليل على فحوص اتش.آي.في ولا حتى ذكر لمناقشة الموضوع. استطيع فقط أن افترض انه لو كان فحص ايدز نتائجه سلبية، لما كانت أي مشكلة لكتابة ذلك في التقرير". لا يسارع البروفيسور لوغاسي الى الجزم بأن الحديث عن الايدز. "يوجد إمكان بالتأكيد لأن يكون قد حدث تلوث في جهاز الهضم نتيجة جراثيم في غذاء لم يُحفظ حفظا جيدا، مثل لحم فاسد وأن تكون الجراثيم قد تسببت بمشكلة التجلط. كان يمكن أن تختفي الجراثيم الملوثة مع قليل من المضادات الحيوية - ومن هنا تعليل أنه لم يوجد مصدر التلوث. لكن بسبب تشخيص متأخر لم يكن هناك إمكان بعد لعلاج المرض الذي تسبب بالهترومبوتستفانيا".

يقول خبير في الايدز ايضا من أحد المستشفيات الكبيرة في البلاد أن التجاهل التام في التقرير لامكانية الايدز يثير علامات استفهام شديدة، وكذلك عدم ذكره في تقرير طبيب مختص بأمراض تلوث (ويعالج الايدز)، كجزء من السلسلة الطويلة من الاطباء الذين عالجوا عرفات. ومع ذلك، فان امكانية ان يكون عرفات قد أصيب بالايدز ليس مرتفعا بحسب رأيه. الخبير الذي نظر في التقرير الطبي، يقول إن من غير المعقول أن يكون المرض الذي استمر نحوا من اسبوعين (حتى النقل الى المستشفى في باريس)، مع إسهال شديد، وتقيؤات وإضرار بجهاز الهضم وأدى الى مشكلة تجلط شديدة، ناتجا عن الايدز.

"حتى لو حُقن بفيروسات الايدز في مرحلة متأخرة (كما زعم طبيبه الشخصي)، فمن غير المعقول أن يكون هناك إضرار سريع خطر الى هذا الحد بجهاز الهضم. يُزاد على ذلك، أنه بعد بضعة ايام من تفشي المرض، لم يتضرر الجهاز المناعي لعرفات تضررا شديدا".

بحسب اقوال طبيب اسرائيلي كبير قرأ التقرير قراءة متمعنة، التشخيصات الموصوفة فيه، والتي ظهرت بعد نحو اربع ساعات من العشاء في الثاني عشر من تشرين الاول 2004 - تثير شكا معقولا بأن ذلك العشاء كان الأكثر حسما في حياة وموت عرفات. "هذه حالة تقليدية تُدرس في مدارس الطب عن التسمم من الغذاء"، يُبين ذلك الطبيب. بحسب اقواله، بحسب الموصوف في الوثيقة الطبية، الأقل احتمالا ان يكون الحديث عن تسمم غذائي معتاد ومعروف نشأ عن جرثومة تفرز سموما. كان يفترض أن يُكتشف تسمم كهذا في سلسلة الفحوص التي مر بها عرفات في المقاطعة، وأن يوقف بمساعدة المضادات الحيوية. من المعقول يقينا، كما يقول الطبيب الكبير، أن يكون عرفات قد أخذ سُماً في الغذاء، تسبب بتفشي المرض غير المعروف. استطاع ذلك الطبيب حتى أن يشير الى سُم ممكن، ينشيء نفس الأعراض التي ألمت بعرفات بالضبط، ولم يفحصها الاطباء في باريس. يسمون ذلك السُم ريتسين، ويمكن إدخاله في الغذاء، وقد استعمل في الماضي كسلاح بيولوجي في العملية في محطة القطارات الارضية في طوكيو.

- كيف تفسر ان الاطباء لم يجدوا أي ذكر للسُم؟

+ "في الحق أن الاطباء بحثوا عن سموم في باريس، لكن ذلك كان بعد اسبوعين من تلك الوجبة ومن المعقول انه اذا ما أُدخل سم في الغذاء، فانه يكون قد تغلغل في الجسم بسرعة، وأضر إضرارا شديدا وقُذف بعدها أو اختفى بكلمات اخرى. زيادة على ذلك، مختبرات السموم في باريس بحثت عن سموم معروفة ولم تستطع البحث عن شيء لم تعرفه".

وما يزال الطبيب نفسه يعتقد ايضا أن الامكان المعقول أقل، لوجود جرثومة طبيعية في الغذاء، لا يمكن أن يُنفى نفيا تاما، "اذا ما فرضنا أن فحوص الدم التي أُجريت في رام الله قد أعطت نتائج غير دقيقة بسبب زمن الوصول الممتد الى تونس وكذلك أن المضادات الحيوية التي تلقاها كانت في مرحلة متأخرة جدا". في الجانب الفلسطيني ايضا، يفضلون كما قيل آنفا نظرية التسميم. بحسب اقوال ناصر القدوة، "كل خبير استشرناه بيّن أنه حتى السم الأكثر بساطة، الذي ينتجه عالم متوسط، سيصعب تحديده من قبل عالم فذ". يضيف القدوة: "لست استطيع أن احدد يقينا أن اسرائيل قتلته، لكنني لست استطيع ايضا أن ألغي هذا الامكان. فالاطباء انفسهم لم يلغوه. هذا هو الامكان المعقول أكثر من غيره. توجد علامات استفهام كبيرة عما حدث". يشاركه موقفه جبريل الرجوب ايضا. "لم يكن موت عرفات طبيعيا ولست اعتقد ان اسرائيل بريئة من الجريمة"، يقول الرجوب. "لم يمت عرفات على نحو عرضي. أراد أحد ما موته وعمل من اجل ذلك". يعتقد محمد دحلان ان "عرفات لم يمت موتا طبيعيا. إمكان ان يكون قد سُمم قائم يقينا. من أراد الوصول اليه كان يستطيع فعل ذلك بسهولة".

يُبين رجال عرفات ان ترتيبات الحراسة حول الرئيس كانت بائسة. لقد حصل على حلوى (مثل الشوكولاتة والحلاوة) من مئات الزوار الذين جاءوا اليه وعلى أدوية ايضا كما قيل آنفا. كان عرفات متعرضا ايضا لوخز بدبابيس علقوها بملابسه وتلقى بانشراح صدر هدايا بغير رقابة. بعد موت الرئيس، ابتدأ الحرس الرئاسي الفلسطيني تحقيقا من اجل الفحص عن إمكان التسميم. جرى التحقيق من بين الجملة مع الطباخين الذين أعدوا الطعام لعرفات ومع الموظفين الذين كان يسهل وصولهم اليهم. رفض التحقيق إمكان تسميم الطعام لان أناسا كثيرا آخرين أكلوا من الطعام الذي أُعد للرئيس. لكن لم يُرفض احتمال ان يكون قد سُمم بالحلوى أو الادوية التي حصل عليها من الزوار. بإزاء الاشاعات الكثيرة عن التسميم، قررت السلطة اقامة لجنة تحقيق خاصة للفحص عن ظروف موت عرفات، لكن نتائجها لم تُنشر حتى صيف 2005.

يوجد فلسطينيون يعتقدون ان موت عرفات لم تكن مسؤولة عنه أيدٍ اسرائيلية بالذات "رفضت التعامل مع لجنة التحقيق"، يقول الطبيب الشخصي، الدكتور الكردي. "كان واضحا لي ان اقامة لجنة التحقيق هي محاولة بالذات لتعويق نشر النتائج. الطريقة الأكثر مبدئية التي كان يمكن استعمالها للكشف عن ظروف الموت، التشريح بعد الموت. لم يتم الامر وهذه الظروف مشتبه بها جدا. ما زلت اؤمن حتى اليوم ان عرفات سُمم، فكل الأعراض تشهد بذلك".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
جوهرة فلسطين
الاشراف العام
الاشراف العام
جوهرة فلسطين


عدد المساهمات : 1768
نقاط العضو : 2720
تقييمات العضو : 25
تاريخ التسجيل : 31/08/2009

خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟   خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Emptyالثلاثاء سبتمبر 29, 2009 6:47 am

رحم الله الشهيد القائد الرئيس القدوة ياسر عرفات وسكنه فسيح جنانه بيستاهل الدعوة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صقر العرب
وسام التميز
وسام التميز
صقر العرب


عدد المساهمات : 1287
نقاط العضو : 5009
تقييمات العضو : 9
تاريخ التسجيل : 02/08/2009
العمر : 49

خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Empty
مُساهمةموضوع: رد: خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟   خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟ Emptyالثلاثاء سبتمبر 29, 2009 8:15 am

ِاكرين مرورك المميز اختي المشرفة العامة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
خفايا الايام الحرجة:ما الذي قتل الرئيس ياسر عرفات؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» طبيب في الشهيد ياسر عرفات الحكومي في مدينة سلفيت يسبّ الذات لإلهية وفي نهار رمضان
» خفايا ومعلومات متقدمة في برنامج أكسس -- لغات البرمجة الخاصة بالحاسب
» من طرائف الرئيس مبارك ووزرائه بقلم: أحمد منصور

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى لمسات للثقافة العامة :: الزاوية السياسية :: تغطيات وتحاليل اخبارية-
انتقل الى: