إليكم فتوى الشيخ القرضاوي بصدد هذه البطاقة " الجواز " :
من أصدق ما قال الناس من قبلنا
قول الشاعر العربي :
والليالي من الزمان حُبَالى*****مُثقلات يلدن كلَّ عجيب!
فإن ما حدث من تصميم جواز سفر باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم من عجائب ما ولدته الليالي، مما لا أفهم له غرضا، ولا أفقه له معنى، ولا أعرف له فائدة، إلا أنه من "تقاليع" الفارغين، الذين فرغت عقولهم من العلم، وقلوبهم من الآلام والآمال، فشُغلوا بهذه التوافه، التي ما أنزل الله بها من سلطان، ولا قام عليها من العقل أو النقل برهان.
ما قيمة أن يُصدر إنسان ما "صورة جواز" لمحمد صلى الله عليه وسلم؟ وما فائدته في الدين أو الدنيا؟ إلا ابتغاء الإغراب، والإغراق في الخيال، والبعد عن حقائق الحياة، وهموم الناس، ومتاعب الخلق؟
إن أقلَّ ما يُقال في هذا: إنه من البدع المرفوضة في الدين، أو من التقاليع المذمومة في الدنيا. ومن المقرَّر أن "كلَّ بدعة ضلالة"، وكلَّ ضلالة في النار.
ومَن كان يحبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليعرِّف الناس بسيرته العطرة، وليعلِّم الناس سنَّته المطهَّرة، وليدعُ الناس إلى رسالته العالمية: رسالة الرحمة للعالمين، والمنَّة على المؤمنين، كما قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِين) (الأنبياء 107)، وقال تعالى: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (آل عمران 164).
لا أن يبتدع هذا الأمر الذي تنكره العقول، وتنفر منه الفطر السليمة، التي لم يفسدها اتباع أهواء الذين لا يعلمون، ولا التقليد الأعمى للآخرين.
ثم ماذا قدَّم في بيانات هذه الجواز أو هذه البطاقة؟
قدَّم بعض بيانات سطحية معروفة للكبير والصغير، مثل: محمد خير خلق الله، وسيد ولد آدم، ولكنه قدَّم بيانات أخرى عن محمد رسول الله، غير صحيحة ولا ثابتة، مثل قوله: إنه آخر الثلاثمائة والثلاثة عشر من الرسل، وآخر الأنبياء الذين بلغ عددهم مائة وعشرين ألفا، اعتمادا على أحاديث وردت بذلك، ولكنها أحاديث ضعيفة لا تقوم بها حجَّة.
وحسبنا أن الله تعالى قال في كتابه بعد ذكر عدد من النبيين: (وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ) النساء:164، (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ) غافر:78.
ولو كان في ذكر عدد الرسل أو الأنبياء الذين ليسوا برسل: فائدة دينية يحتاج إليها الناس لذكرها الله في كتابه الذي قال الله فيه لنبيه: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) النحل:89.
فشغل الناس بمثل هذه الأعداد مضيعة للوقت والجهد في غير طائل.
والعجيب أن هذا الأخ الذي أراد أن يقدِّم للعالم بطاقة تعريف للرسول صلى الله عليه وسلم: لم يحسن أن يعرِّف به أدنى تعريف.
ولو أنه اقتصر على أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم المقطوع بها، والمذكورة في القرآن لكان له شيء من القَبول، مثل قوله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) التوبة: 128.
)وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 107.
)وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) القلم:4.
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) الجمعة:2.
)وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) الأحزاب: 40.
)يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ) الأعراف: 157.
إلى آخر ما جاء من أوصاف الرسول الكريم في القرآن، وآفاق رسالته.
وقد وضع مبتدع الجواز المزعوم للنبي صلى الله عليه وسلم مقابل صفحة الجواز: صفحة أخرى، يبدو أن المقصود منها: الدعوة إلى رسالة محمد، وتعاليم محمد صلى الله عليه وسلم، وكنا نتخيَّل أن تشتمل هذه الصفحة على أساسيات الرسالة، والمبادئ العامة لعقيدة الإسلام وشريعته وأخلاقه وقِيَمه، والمقاصد الكلية لهذا الدين.
ولكن خاب أملنا، حيث لم نجد فيها دعوة إلى التوحيد، ولا إلى الإيمان بالآخرة، ولا الإيمان بكتب الله ورسله، ولا إلى العبادات الشعائرية الكبرى: من الصلاة والزكاة والصيام والحج، ولا إلى مكارم الأخلاق التي بُعث محمد صلى الله عليه وسلم ليتمِّمها، ولا إلى مبادئ العدالة والإخاء والمساواة والحرية، ولا إلى الشرائع المحكمة التي تقيم الموازين القسط بين الناس.
بل كل ما ذكر في هذه الصفحة هو الوصية بحبِّ آل البيت رضي الله عنهم، والاعتماد على أحاديث أكثرها غير صحيح، وذكر هذا الموضوع خاصَّة تفوح منه رائحة طائفية لا نحبُّها، ولا نتمنَّى أن تشيع في المسلمين.
ولا يوجد أحد في المسلمين أيًّا كان مذهبه، لا يحبُّ آل البيت ويترضَّى عنهم، بل كلُّ مَن أحبَّ رسول الله عليه الصلاة والسلام: أحبَّ أهل بيته، كما أحبَّ أصحابه، وهذا أمر طبيعي ومعروف: أن مَن أحبَّ إنسانا أحبَّ كلَّ مَن كان له به صلة وثيقة من قرابة أو صحبة.
ولهذا لا أرى هذا عملا نافعا يمكن للمسلم أن يشغل نفسه به، فضلا عن أن يقدِّمه للناس معتبرا ذلك من باب تبليغ رسالة محمد إلى العالمين. والحقيقة أنه لم يقدِّم أيَّ شيء في مجال التعريف بالرسالة أو بالرسول.
على أنه في ذاته أمر مبتدَع لا يكتسب أيَّ مشروعية دينية، وفي الحديث الصحيح المتَّفق عليه، عن عائشة رضي الله عنها: "مَن أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو ردٌّ". أي مردود على صاحبه، الذي تجاوز حدوده.
والأجدر بأبناء الإسلام (أتباع محمد عليه الصلاة والسلام): أن يبحثوا عن الاتصال بالعالم عن طريق الآليَّات المعاصرة من الفضائيات والإنترنت وغيرها، للتعريف برسولهم الكريم ذي الخلق العظيم، والمبعوث برسالة الرحمة ودعوة الحق والخير والنور للعالم، ولتقديم الإسلام الصحيح المتكامل على النهج الوسطي الذي يرتبط بالأصول والمقاصد، ويراعي متغيرات العصر ومنجزاته، وما أصدق الحكمة المأثورة: رحم الله امرءا عرَف زمانه واستقامت طريقته.
ولكني لا أوافق على تضخيم هذه الإساءة أو هذا التجاوز، وكأنه أنكر المنكرات، أو أكبر الكبائر، أو كأنما يقارب الكفر. وهو لا يدخل تحت حديث"مَن كذب علي متعمِّدا، فليتبوَّأ مقعده من النار"، لأنه لم ينسب هذا العمل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نتَّهمه بالكذب عليه.
كما أنه لا يتعلَّق بالأمور العقائدية الأصولية، كما قال، بل هو يتعلق بأمر فرعي عملي، أعني: من وسائل الدعوة أخطأ فيها الصواب، وابتعد عن سواء الصراط.
فنحن ننكره ونبدِّعه، ولكن لا نبالغ فيه، وفي تكبيره وتهويله، وإنما ننظر إليه وفق منهجنا الوسطي الذي لا يغالي مع المغالين، ولا يفرِّط مع المفرِّطين، وخير الأمور الوسط. (المصدر : إسلام أون لاين).
أخيراً وليس أخِراً لمن مازال يبحث عن هذه البدعة أو لمن يريد أن يطلع عليها ليراها , فإني سوف أرفقها له (لها) ( إضغط للتحميل الجواز كاملاً نسخة أصلية من دمشق) , (لكن لأضيف شيء لم يوضحه فضيلة الشيخ القرضاوي وهو القصد التجاري لا الدعوي من هذا الموضوع ومن القائمين عليه , وقد فضحهم الله حينها ختموا الجواز في الصفحة ال(32) بأرقام هواتف الموزعين وتنويه ب: يمنع منعاً باتاً سرقة الحقوق الفنية والفكرية "لتصميم الجواز" والموزعون فقط في الكويت وسوريا , طيب أنا أعقب , إن كان هدفهم دعوي وغاية طيبة ونية صافية , لتركوا مثلاً أبناء البحرين هم يطبعون وينسخون من النسخة وينشرونها دون مبلغ مادي والمثل جاري على جميع دول العالم , لكنهم يريدون أن يتاجرون بالإسلام هداهم الله)
ختاماً أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وسلامٌ على المرسلين وعلى رأسهم محمد العربي الأمين والحمد لله رب العالمين.
أللهم هل بلغت
أللهم هل بلغت
أللهم هل بلغت , فاشهد.