موضوع: تربية النفس ام الاسرة ام امجتمع السبت أبريل 10, 2010 6:08 pm
أولوياتنا أين: تربية النفس أم تربية الأسرة أم تربية المجتمع
بقلم : محمد النحوي
تراهم يسهرون الليالي .. وتراهم يبذلون الكثير من الجهد … وفي بعض الأحيان يبذلون من جيوبهم … وكل ذلكم من أجل المساهمة في بناء المجتمع وتربيته، وهي في الواقع مهمة عظيمة ونبيلة جدا والقائمين على هذه الأمور هم في مقام الأنبياء والرسل والأولياء الصالحين .. وهم بلا شك مشكورين على جهودهم وخصوصا أولائك (الجنود المجهولين) والتي من الممكن أن نطلق على أعمالهم مسمى: صدقة السر، فلا أحد يعلم بجهودهم إلا أقل القليل من الناس والله سبحانه وتعالى … وهم (أي المشتغلين في بناء المجتمع وتربيته) لا ينتظرون من أحد أن يشكرهم فهم يدركون (وبدرجات متفاوتة) أهمية ما يقومون به .
إلا إن إصلاح المجتمع وتربيته وبنائه تتطلب في ثقافتنا الإسلامية أن يقوم الإنسان مسبقا ببناء نفسه أولا واستمرارا، وهذه الحادثة تبين هذه النقطة بشكل واضح:
قال رجل لأحد الصالحين: إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فقال له الرجل الصالح: إن لم تخش أن تفتضح بثلاث آيات من كتاب الله فافعل.
قال: و ما هن؟
قال الرجل الصالح: قوله تعالى { أتأمرون الناس بالبِرّ و تنْسَوْنَ أنفسكم و أنتم تتلون الكتاب } .
و قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون . كَبُرَ مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } .
و قوله تعالى على لسان شعيب عليه السلام لقومه: { و ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } .
فهل أحكمت هذه الآيات ؟؟
قال الرجل: لا …
قال الرجل الصالح: إذاً فابدأ بنفسك أولاً
وهناك قول مشهور جدا في هذا المجال: أصلح نفسك ! وادع غيرك ؟
وأنا هنا لم أذكر شيئاً جديدا .. فوجوب تربية النفس قبل تربية المجتمع هي من الأمور البديهية لدينا ولله الحمد.
الجديد في المسألة هو ما أحاول الوصول إليه من خلال التأمل في عملية التربية نفسها، والتي من أعتقد إنها جوهر وجودنا في ساحة العمل التطوعي … فلا اعتبار لكل علمنا التطوع إن لم نساهم فعلا في تربية المجتمع وتزكيته .. إن كان ذلك بشكل مباشر أو بلا شكل مباشر
الفكرة هي:
إننا عندما يقوم أحدنا (أنت أو أنا) بممارسة العمل التطوعي على أساس المساهمة في تربية المجتمع وبنائه فإنه وبلا شك ومع الأيام سوف يحتاج إلى تعلم المهارات التربوية .. سوف يكون بحاجة إلى تعلم كيف ينصح الناس .. وكيف يدخل إلى عقولهم وإلى قلوبهم … وسوف يتعرف كيف يقوم بمهمة التعرف على احتياجات الناس ومن ثم تلبيتها بشكل مناسب … هذه المهارات التربية هي شيء أساسي ومهم إلى المشتغلين في العمل التطوعي على الصعيد الاجتماعي العام … وإن كان واقعنا به الكثير من الذين لا يدركون هذه الحقيقية ولا يمتلكون هذه المهارات التربوية مما يتسبب في ضياع جهودهم.
الشيء الذي لاحظته هو إننا وفي أثناء ممارستنا للعمل التطوعي على صعيد المجتمع (أي نقوم بمهمة تربية المجتمع) سوف نجد إننا بحاجة فعلا إلى تربية أنفسنا .. سوف نرى فعلا بأننا عاجزون عن نصح الآخرين إن نستطع أن ننصح أنفسنا .. سوف نرى إننا عاجزون عن فهم مشاكل الآخرين واستيعابها إن لم نفهم مشاكلنا ونقوم باستيعاب أنفسنا أولا … سوف نكون عاجزين عن تلبية احتياجات المجتمع إن لم نقم بتلبية حاجات نحن أولا … من الصعب جدا أن تكون كريما مع غيرك وأنت بخيل على نفسك
وبكلمة أخرى: من الصعب جدا (إن لم يكن من المستحيل) إن يستطيع أحدنا أن يمتلك مهارات وقدرات وملكات تربية المجتمع إن هو لم يستطع أن يتملك مهارات وقدرات وملكات تربية نفسه.
المسألة هنا ليس: أن أكون صادقا أولا ومن ثم أنصح الناس بأن يكونوا صادقين، بأن المسألة هنا هو إنني لن أستطيع معرفة السبيل إلى دفع الناس لممارسة الصدق بدون أن أتعرف في داخلي على الطريقة التي تدفعني إلى أن قول الصدق دون الكذب .. هنا جوهر العملية التربوية، وهنا التكتيك الحقيقي في عملية تربية النفس التي تسبق تربية المجتمع.
في تأملي .. أنا وصلت إلى منطقة أبعد … رأيت إن هناك فعلا بعض الأخوة المشتغلين في شؤون تربية المجتمع قد حققوا لأنفسهم القدرة على تربية أنفسهم وأصبحت فعلا لديهم مهارات وآليات التربية المجتمعية … ولكن بدرجة معينة .. فلا زال هناك قصور.
القصور يكون في إغفال مهمة تربية الأسرة … وهي مساحة من المساحات المهمة التي تساهم بشكل جدي في صقل وتنمية وتطوير المهارات التربوية لدينا والتي لا أشك في إنها سوف تساهم فعلا في تسهيل عملية تربية المجتمع وبنائه .
المشكلة الحقيقية في هذا الموضوع هي : إن بعض المشتغلين في خدمة المجتمع وتربيته يهملون أمر تربية نفسهم … والبعض الكثير منهم يهمل دوره التربوي في داخل أسرته (كأب أو كأم أو كأخ أو كأخت) مما يسبب بالنتيجة ضياع الجهود التي تبذل في خدمة المجتمع وتربيته لأنها بالأساس (حسب اعتقادي) فاقدة للمهارات التربوية المطلوبة والتي لا يمكن الحصول عليها إلا من خلال ممارسة (تربية النفس + تربية الأسرة) ..وبالتالي يصبح من الممكن فعلا ممارسة (تربية المجتمع) بكل اقتدار وتمكن.
وإذا أردنا أن نذهب للأمام أكثر في هذا الموضوع فسوف نرى إن هذه العناصر الثلاثة (تربية النفس، تربية الأسرة، تربية المجتمع) لا يمكن بأي حالٍ من الأحوال أن تنفصل عن بعضها البعض … هي منظومة تربوية متكاملة، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقوم مثلا بتربية نفسك ولا تقوم بتربية أسرتك أو تربية مجتمعك.
هذه الفكرة .. تجعلني أعيد النظر في الكثير من الأمور .. وفي داخلي .. وفي مهاراتي وقدراتي .. وفي نظرتي أيضا للأخوة الذين أمارس معهم نشاطاتي التطوعية في المتجتمع.
أخوكم مقصرا مع نفسه ومع أسرته …ومستنزف في نشاطه الاجتماعي
اعود اليكم بشوق
بروايتي الجديده
اللتي تحمل الخيال بطياته
قصة بسرد مختلف..
وكلام بعضه واقعي
والبقية خيال..
منها ما يكون رومانسيا حالما
ومنها من لا يعرف طريقا للرحمه والتعاطف
القسوه ركن اساسي بالروايه الجديده
التي تعبر عن …