التزام متبادل ... مجندون حتى الموت
بقلم / أفرايم هليفي .. رئيس الموساد الأسبق - يديعوت أحرونوت: الإثنين 15/2/2010
تحث الحكومة هذه الأيام خطة غايتها الإساءة بأثر رجعي لشروط تقاعد متقاعدي "الموساد" (جهاز الإستخبارات والمهمات الخاصة) ومتقاعدي جهاز الأمن العام "الشاباك", وقسم من أولئك الذين لا يزالون يعملون في هذين الذراعين الرسميين.
جمهور العاملين هذا أقبل إلى خدمة "الدولة" في الفترة التي تمتع فيها كل موظفيها بتقاعد مدعوم من الميزانية، أي تقاعد دفع من صندوق "الدولة", أما اليوم فمن يقبل في "الموساد" وفي المخابرات فمؤمّن بصناديق تقاعد متراكمة، ومع الأيام كل العاملين في هذه الأجهزة لن يشكلوا "عبئا" على ميزانية "الدولة".
السؤال إذا كانت قوانين العمل في "الدولة" تسمح بالإساءة بأثر رجعي لشروط التقاعد هو سؤال كبير بحد ذاته ولكني لا أريد أن أفكر بأن يعقد بحث قضائي يرفع فيه المتقاعدون التماسا ضد حكومتهم, هذا التصور سيعكس فشلا قيميا وأخلاقيا للطرفين وللتباحث بينهما, الويل للمنتصر والويل للمهزوم في هذه المعركة.
وبالفعل، فإن هذه السطور موجهة للجانب القيمي العميق, كثيرة هي المزايا الاستثنائية للخدمة في هذا المجال الرسمي ومعظمها لا يمكن الحديث فيه ولكن مسموح وواجب الإشارة بأن ليس للعاملين في هذه الأجهزة الحق في التنظيم المهني, فلا توجد لجان عاملين مهمتها الدفاع عن حقوق العمل للعاملين في هذا "القطاع", "نقابة العاملين" الهستدروت العامة لا تحميهم – ليس لها عنوان للحوار مع هذا الجمهور – وعندما تتخذ قرارات تؤثر على هذا الجمهور فإنها لا تتشاور معهم بل والأحرى غير قادرة على أن تحرص على قضاياهم, صحيح أنه توجد منظمات متقاعدين في الجهازين، ولكنها لا تعمل كممثل عن أعضائها وليست ذات صلاحيات لتمثيلهم ومعالجة شؤونهم أمام "رب عملهم" السابق.
على مدى سنين طويلة كان دارجا ومتفقا عليه أن درجة الأجر للمتقاعد سترتبط بدرجة العامل في الخدمة في آخر وظيفة أداها بمعظم عناصرها, كل رجل خدم في "الموساد" أو في "الشاباك" يعرف بأن يوم اعتزاله سيعترف بهذه القاعدة, قادة "الموساد" وقادة "الشاباك" على أجيالهم عرفوا ذلك، ورؤساء الوزراء ووزراء المالية على أجيالهم عرفوا ذلك بل ورحبوا به.
رؤساء "الدولة" الذين كانوا على اطلاع على أسرار أعمالهم، اتبعوا وثبتوا هذه القاعدة بأنهم فهموا بأن من المهم للدولة الإشارة, سواء للمعتزلين أم للخادمين بالفعل بأنهم واعون للشروط المقيدة والاستثنائية التي وصفت آنفا والتي يفترضها الواقع, كما أنهم فهموا بأن من جوانب عديدة أن كل واحد يخدم في هذين الجهازين لا يتحرر تماما من الواجبات والإلتزامات تجاه "الدولة" وجميعهم يبقون دوما مجندين بل وفي أحيان قريبة متطوعين في المعركة.
كما أنهم فهموا بأن هناك حلفا معقودا بين كل موظف كهذا وبين حكومة "إسرائيل" التي تفرض على كل واحدة وواحد منا "رمزا أخلاقيا" معظم بنوده غير مكتوبة ولكن مضمونها ومعناها مفهومان جيدا لكل متقاعد ولكل عامل في الجهاز الفاعل وتنطبق عليه حتى يوم موته.
قسم هام من عمليات أسرة الإستخبارات تتم ليس فقط على أساس أوامر مكتوبة ومفصلة بل وأيضا على أساس "الكلمة" ونظرة العينين بين القائد ومرؤوسيه, هذه الكلمات، هذه النظرات، هذه الموافقات، هذه التفاهمات، أتاحت دوما لقادة الدولة الاعتماد على العمليات على المنفذين وأعطتهم حتى "حق النفي" حين كان هذا لازما.
معظم "الكلمات" تطرقت لواجبات العاملين, الغالبية الساحقة, وواجب واحد بقي للقائد "واجب الإخلاص", الواجب في الوقوف كَسور منيع خلف الإلتزامات الواضحة والمؤطرة تجاه المنفذين.
إلغاء بأثر رجعي لحقوق العامل أو المتقاعد في ظروف وشروط وصفتُها أعلاه يتناقض بشكل فظ مع أحد واجبات الإخلاص من الحكم تجاه المقاتلين المتخفين الذين عملوا بتكليفها ونيابة عنها.
********************************************************************-