غسيل وسخ وإعلام
بقلم / جلعاد هايمن .. مستشار إعلامي - هآرتس: الخميس 18/2/2010
مكانة "إسرائيل" الدولية في الحضيض, ويجري التشويش على محاضرات أشخاص إسرائيليين على نحو راتب، وتصدر أوامر اعتقال لقادة إسرائيليين، ويحذر فنانون دوليون من الآثار الإقتصادية التي ستكون لعروضهم في "إسرائيل"، وتثار مبادرات القطيعة الأكاديمية وغيرها صباح مساء, ولا ينجح الرد الإسرائيلي في وقف الطوفان.
طورنا حضور "إسرائيل" الرسمي في الإنترنت، ويتنقل مبعوثون بين حرم الجامعات، بل إن أبناء "سديروت" جُندوا للنضال, لكن صورتنا مع ذلك كله لا تكف عن التدهور, والسبب الرئيس لذلك هو, أننا لم ننجح في التكلم بلغة مستمعينا, لا بلسانهم ولا بلغتهم الثقافية, حيث يصدر الإعلام الإسرائيلي كله عن الرواية الإسرائيلية الصهيونية، ولا تجري محاولة حقيقية لتعلم لغة الحقوق السائدة في الخطاب الدولي العام.
نتوقع أن يكون العالم معنا لأننا أكثر ليبرالية وثقافة وديمقراطية من جيراننا، ولا ندرك أن هذه الصفات تجعل العالم يحكم علينا بقسوة أكبر, إن حقيقة كوننا أكثر شبها بالدول الغربية تجعل الجمهور هناك ينتقدنا بشدة, لأننا بالنسبة إليهم بمنزلة انعكاس قبيح لأنفسهم كما كان جنوبي أفريقيا في الماضي.
ينبغي تغيير السلوك, ففي منافسة من أكثر مسكنةً, وأي الأولاد أشد معاناة، أأولاد "سديروت" أم أولاد غزة، سنخرج دائما خاسرين, يجب علينا بدل ذلك أن نتبنى خطاب الحقوق الغربي وأن نؤيده بالأعمال, كانت القطيعة مع لجنة "غولدستون" خطأ، يجب تقويمه الآن.
من المهم الفصل بين المنظمات التي تريد السوء بنا وبين تلك التي تهاجمنا بسبب أعمالنا, ولا يوجد سبب يدعو إلى عدم التعاون مع منظمات حقوق إنسان مثل "أمنستي" وتبنّي شيء من توصياتها أيضا, إن رؤية خطاب الحقوق الدولي على أنه خطاب معاد لـ"إسرائيل" رؤية خاطئة بل مضرة, والحفاظ الشديد قدر المستطاع على حقوق الإنسان لسكان المناطق وشرقي القدس مصلحة إسرائيلية قبل كل شيء, لا تجب التضحية بالأمن، لكن من واجبنا أن نكون أكثر إصغاء للفلسطينيين, ولا يجب أن ننتظر دائما محكمة "العدل" العليا لتغير مسار الجدار أو لتمكن معتقلا من الحضور أمام المحكمة. يمكن أيضا أن نكف عن النظر إلى منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية على أنها خائنة وأن نبدأ تبنيها وتبني توصياتها أحيانا أيضا, إذا تحدث الجيش الإسرائيلي إلى تلك المنظمات، وتناول بجدية تقاريرها وحاول بدل أن يسكتها أن يرد على المشكلات التي تثيرها، فإن ذلك سيؤتي ثمرة إعلامية, وبدل الإجتهاد في منع غسل الغسيل الوسخ في الخارج يمكن أن نجعله أكثر نقاء في الداخل، وسيكون عمل الإعلام آنذاك أسهل.
من المهم أيضا أن نجعل مكاناً للإحتجاج العام, فقمع المتظاهرين في بلعين، الذي يشتمل على اعتقالات وعلى استعمال كثير للقوة، هي من الأشياء التي تجعل "إسرائيل" أكثر عزلة في العالم, بل يجب على "إسرائيل" أن تشجع نضالا غير عنيف لا أن تحاربه, فإذا استطعنا التعامل باعتدال مع متظاهري الإنفصال، وطلاب الجامعات، والمعوقين والمتدينين، فإننا نستطيع السلوك باعتدال مع متظاهري بلعين أيضا.
يمكن أن نجادل حجج المتظاهرين وأن نبين لهم وللعالم موقفنا، لكن لا أن نعتقلهم أو نطلق عليه الرصاص المطاطي, لأن استخدام القوة ضد المتظاهرين العقائديين، فضلا عن أنه لا يمنع المظاهرات وإنما يسهم على نحو عام في توسيعها وزيادة صداها العام.
والأهم: أنه ينبغي أن نُوهب، نحن الإسرائيليين، خطاب الحقوق, كلما أدركنا بأنفسنا أن العالم لا يوافق على قبول مس متصل بحقوق الإنسان بحجج أمنية، وتبنينا داخلنا أيضا خطاب الحقوق، سيتبين لنا أن عرض موقفنا على العالم أسهل, وإن سؤال هل يصح إخراج ساكن عربي من بيته في الشيخ جراح لا يجب أن يمتحن بحسب دقائق القانون الإسرائيلي فحسب، بل على حسب ثبات القرار لمعايير القانون الدولي أيضا, وإلا فإننا سننتصر في المعركة على البيت لكننا قد نخسر المعركة على الدولة.
********************************************************************-
موضوع: غسيل وسخ وإعلام بقلم / جلعاد هايمن .. مستشار إعلامي - هآرتس 
بيان صادر عن الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال بخصوص الأوضاع الصحية بعد أزمة وباء فيروس كورونا :*
بدايةً فإننا نرفع أكفنا لله عز وجل …
- للقراءة الهادفة*
