مشعل كمثال
بقلم / يوسي سريد - هآرتس: الخميس 18/2/2010
صحيح أن خالد مشعل حي ومحمود المبحوح ميت، وهذا برغم فرق, لكن من نواح كثيرة أخرى، تتشابه القضيتان كقطرتي حظ سيء، وعقل سيء أيضا, هل يجوز أن نعرف عملية الاغتيال الأخيرة على أنها "قضية" أيضا؟ منذ أن واصل مشعل العيش بعد موته المبالغ فيه، وخرج مبعوثون على عجل من "تل أبيب" إلى عمان لإنقاذه في لحظاته الأخيرة، عينت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لجنة ثانوية خاصة للتحقيق في الإخفاق في وسط النهار وفي وسط عاصمة أجنبية.
كان أعضاء اللجنة خمسة وكنت واحدا منهم, جلسنا شهورا طويلة نبحث وساءلنا جميع المشاركين, من رئيس "الموساد" إلى آخر المشاركين, ولم نصدق ما سمعته آذاننا، لقد كانت الشهادات أكثر أسطورية من أن تصدق, لا يمكن أن يكون هذا ما حدث، قلنا لأنفسنا، أنه ببساطة غير منطقي ومضطرب جدا.
لا داعي لأن نفصل الآن من جديد جميع التفصيلات التي قد علمت، ولا بيقين تلك التي من المناسب أن تظل مستورة, نذكر تفصيلا واحدا فقط كمثال للتقدير: هل يصدق أنه في المشاورات التي سبقت الخروج، ألم تطرح المسألة الأردنية لنقاش جدي؟ وهل من الصحيح تنفيذ اغتيال لفلسطيني ما داخل الأرض السيادية لدولة عربية مجاورة, لها بنا علاقات صداقة وحساسية خاصة؟ وكيف يرد الملك الحافظ للثقة، بعد أن يتبين له أن "إسرائيل" خانت ثقته على نحو مضر وقح جدا؟.
لم يسأل "بنيامين نتنياهو"، ولم يجب "الموساد" ذلك, أوصيت آنذاك وكنت في رأي الأقلية بإقالة رئيس "الموساد", كم هو مؤسف أنه لا تملك لجنة برلمانية سلطة التوصية بإقالة رئيس حكومة.
يكثرون من إجلال رئيس الموساد الحالي "مائير دغان": فقد أعاد المجد إلى سابق عهده، وجدد الموساد أيامه المجيدة كما كانت من قبل, لا يوجد تاج لم يعقد على رأس الرئيس, فهو جريء وخلاق وأصيل, وهو بحيلٍ من أرض الحيل يدبر لنا محاربة "الإرهاب" والذرة, وسيحين وقت الكشف عن ذلك, وليس عجبا أن مُددت فترة ولايته أخيرا وبلا اعتراض, سيخدم "دغان" إذن ثماني سنين على الأقل.
يمكن بمتابعة وسائل الإعلام الأجنبية – وهي فقط – مغامرة دبي أن نستنتج أنه لا جديد تحت شمس عدسات التصوير: فما كان هو الكائن، والحيل الهاذية المسروقة معروفة من الأدبيات البوليسية القديمة الجيدة, فلقد كانت من قبل جوازات سفر مزيفة، وإسرائيليون بسطاء، يعيشون وفوجئوا بأن يجدوا أسماءهم المستعارة في نشرات الأنباء المختلفة.
هكذا هي الحال عندنا: الموساد يرعب العالم، إلى حد أن هذا العالم يجري معه تعارفا من جديد, المنظمة أسطورة إلى حد أن تبين وهمها, أدوات أمن حطمت - يعاد لحمها وتطويرها – لن تعرفوها، يعدوننا، إلى أن تُجرب أدوات مرة أخرى, والأشخاص فنيون إلى حد أن يكشف النقاب عنهم في أول فرصة بكامل ضعفهم.
عندما نقرأ في الصحف عن وزير أو جنرال أو رئيس، هو "ممتاز بحسب جميع الآراء"، يحسن أن تتبينوا لأنفسكم ما هو رأيكم الشخصي، إذا كنتم تحتاجون أصلا إلى رأيٍ يخصكم, إن البديهية تحتاج في أيامنا أيضا إلى برهان من آن لآخر, ويثير اهتمامنا أن نعلم هل سيسألون هذه المرة، من أجل التغيير وسلفا سئلت جميع الأسئلة الواجبة.
********************************************************************-