بيبي صفر – صفر – سبعة
بقلم / يوئيل ماركوس - هآرتس: الجمعة 19/2/2010
قال أحد منتقدي "نتنياهو" عنه أنه لا يعرف ممَ يخاف حين ينهض في الصباح, لماذا؟ لأنه يخاف, كل موضوع يشعر بأن من شأنه أن يخسر أو يفشل فيه, يخرج منه, والدليل أنه منذ صعد إلى الحكم لم يخسر في أي تصويت في الكنيست, وهو لا يطرح أي مشروع من شأنه أن يفشل فيه.
فقد نزّل، مثلا، من ضريبة القيمة المضافة على الخضار والفواكه، ومن خطة إعطاء حق التصويت للمهاجرين من "إسرائيل"، ومن رسوم القحط، ومن الإقتراح لطرد أبناء العمال الأجانب، وهو يفكر بتقليص إصلاحات الطرق والقطارات الهائلة، نزل عن قانون الوظائف وعن بناء الجدار في الجنوب, وانكمش وينكمش إلى أين تهب الريح, خصومه قالوا عنه أنه يعاني من متلازمة انثناء معروفة مسبقاً من أجل الحفاظ على أغلبيته في الكنيست, ومن هنا أيضا فإنه حتى لو وافق الفلسطينيون على خطته دولتين لشعبين، فإنه كان سينزل عنها بهذه الذريعة أو تلك خشية أن يثور حزبه وشركاؤه، "شاس" و"إسرائيل بيتنا" عليه.
ومثل من لا يسير في أي موضوع حتى النهاية، فإن "بيبي" في ولايتيه كرئيس وزراء، سار حتى النهاية في إقرار عمليات اغتيال مركزية ومعقدة "للموساد" في دول عربية, وقبل أن نصل إلى عملية دبي، التي حسب مصادر أجنبية، تنسب إلى "إسرائيل"، صادق بيبي في 1997 على اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس في حينه، في عمان, حيث أقنع رئيس "الموساد" في حينه "داني ياتوم" "بيبي" بنجاحٍ مؤكد للعملية, وكلاء "الموساد" أمسكوا بمشعل عند خروجه من بيته وحقنوه بمادة كيماوية تعطي الإنطباع بنوبة قلبية مثلما في الأفلام, ولكن الحارس طارد المغتالين وأدى إلى اعتقال بعضهم, وآخرون وجدوا ملجأ لهم في السفارة الإسرائيلية.
ومع العلم بالفشل اتصل الملك حسين بـ"نتنياهو"، وهو يتميز غضبا من الوقاحة الإسرائيلية وهدد بقطع العلاقات فورا إذا لم يرسل "الإكسير" لشل فعالية المادة التي حقن بها مشعل, وبوساطة "أفرايم هليفي" الذي كان صديقا للملك، جرت آلية الإنقاذ كرمشة عين, الحي – الميت عاد إلى الحياة – حدثٌ جعله الرجل الأهم اليوم في قيادة حماس.
ولكن الضرر الكبير للعملية كان طلب الحسين أن يعاد الشيخ ياسين وعشرات المعتقلين الأمنيين إلى غزة, عودة ياسين كانت دفعة هائلة للمقاومة وتعزيز حماس, ومن يريد أن يستوضح كيف سيطرت حماس على غزة يمكنه أن يبدأ العد من فشل 1997.
بسبب سرية القضية في حينه لم تنكشف حقيقة أن "بيبي" ليس فقط لم يصادق عليها بل دفع نحو تنفيذها، متجاهلا قاعدة أساسية واحدة وهي: لا تنفذ عملية تمس بمكانة وصلاحية الزعيم الأكثر وداً لـ"إسرائيل".
عندما كانت غولدا مائير رئيسة للوزراء عملت هيئة مقلصة، "لجنة X " وهي التي كانت تصادق أو ترفض عمليات سرية خارج "إسرائيل", وليس معروفا عن هيئة كهذه اليوم, فالكلمة هي لرئيس الوزراء, وإذا كانت صحيحة الأنباء من مصادر أجنبية بأن "إسرائيل" ضالعة في العملية في دبي، فمن الصعب أن نفهم كيف أن "بيبي" الذي يأخذ جانب الحذر الشديد بألا يفشل وألا يتورط يمكنه أن يصادق على مثل هذه العملية.
أولا، بمجرد القرار بتصفية المبحوح حين توقفت دول في الولايات المتحدة وبريطانيا عن عمليات الإغتيال، في عالم باتت فيه الرقابة متشددة، الإستخبارات الإلكترونية منتشرة حتى تفاصيل التفاصيل ومن الصعب عدم الإنكشاف, ثانيا، من ناحية الكلفة حيال المنفعة، أولم يكن من المفضل ملاحقة المبحوح الذي اشتغل في مجال المشتريات لكشف مصادر مشترياته ومساراتها، بدلاً من اغتياله؟ ثالثا، على فرض أن لكل مغتال يوجد بديل، فهل يساوي الإغتيال الثأر الذي هو أحيانا قاسي جدا؟ انظروا العملية الفتاكة في الأرجنتين كرد على اغتيال زعيم حزب الله موسوي.
إذا كانت عملية دبي عملا إسرائيليا، فإن الحديث يدور عن قصة غريبة، إن لم تكن إهمالا, فاستخدام جوازات سفر دول صديقة "تبرع بها" أناس في "البلاد" وفي الخارج، واختيار دبي المليئة بشبكة مكتظة من الكاميرات كساحة للتنفيذ, لا أدري من صادق على العملية في أيام المشكلة الأمنية الأساسية فيها هي إيران, يمكن التخمين، بأنه دون مصادقة رئيس الوزراء ما كانت لتنفذ, ومع مراعاة الحذر الشديد الذي يتخذه كي لا يفشل، من المفاجئ أن هذه المرة أدى دور العميل من أفلام "جيمس بوند 007" بسبعة أخطاء.
********************************************************************-