تحية من غزة .. ستة براميل وذعر
بقلم / أليكس فيشمان - يديعوت أحرونوت: الخميس 18/2/2010
قُذفت ستة براميل من المواد المتفجرة البدائية إلى الشاطئ, انفجر اثنان آخران في الطريق, وأصبح شاطئ "إسرائيل" الجنوبي، من "بلماحيم" إلى حدود القطاع، مشلولاً لبضعة أيام, صحيح أنه لم يحدث أي ضرر، لكن "الإرهاب" انتصر, فقد نجح في أن يشوش على الحياة في منطقة واسعة وأن يحدد لنا – وإن كان لزمن محدود – جدول أعمالنا.
هذا بالضبط هدف "الإرهاب", أما هل انفجرت البراميل أم لا فأقل شأنا, الإنجاز هو في الأثر النفسي, حيث دخل سلاح البحرية الآن في "استعداد البراميل", وفي المرة المقبلة لن يطرحوا ثمانية براميل في البحر ويدعوا الله لتوجد تيارات قوية في الإتجاه الصحيح، بل مائة برميل, حيث يعلمون في الطرف الآخر، أنهم بذلك يؤثرون على سير الحياة في "إسرائيل" دون أن يبذلوا جهداً أو يدفعوا مالاً.
طورنا في مواجهة صواريخ القسام، بعشرات ملايين الشواكل، دواء "أكامول" اسمه "القبة الحديدية", يحسن الآن إذن أن يدخل مصنع "رفائيل" في الصورة وأن يطور علماؤه صواريخ طوربيد مضادة للبراميل, أو ربما يحسن أن يعجلوا بنفقات ضخمة لتطوير الرجل الآلي البحري, لأن المفارقة هي أنه كلما كان "الإرهاب" أكثر بدائية أصبحنا في ذعر أشد.
ما الذي كان عندنا هناك في الحقيقة قبل أسبوعين: عدد من الصيادين الفلسطينيين حملوا ثمانية براميل غير كبيرة مع أطواق نجاة على طوافات في قواربهم وخرجوا في البحر, القوارب التي تخرج من غزة موجودة تحت رقابة وسائل إليكترونية، لكن البراميل الصغيرة السوداء تصعب رؤيتها في الظلام, كانت الطوافات في مقابل ذلك صفراء اللون براقة, أي أن المنفذين أرادوا جذب الإنتباه.
استتر تحت الطوافات في داخل البحر، البراميل المغلقة, وفي كل برميل ثلاثون كيلوغرام TNT, كان الجهاز كما نشر مبنيا من جهاز هاتف لاسلكي, والفكرة كما يبدو جذب انتباه أشخاص سلاح البحرية، وعندما يقتربون من الطوافة يستعمل الجهاز من بعيد وتفجر السفينة, فكرة غير جديدة جربت في الماضي مع قوارب متفجرة، ودمى لسباحين ملغومة وغير ذلك.
من أجل تفجير البرميل على هدف إسرائيلي، سواء أكان قارباً أو شاطئا مليئا بالمستحمين، يفترض أن يحافظ شخص ما على صلة بالعين بالقنبلة, وليس معقولا أن تتابع قوارب صيد فلسطينية البراميل إلى عسقلان أو أسدود أو بلماحيم, منذ اللحظة التي ابتعدت فيها البراميل عدة كيلومترات عن غزة، لم يعد المستعملون يرونها.
فلماذا أغلقوا عندنا الشواطئ أياماً كثيرة جدا؟ أيمكن أن الجلبة لم تكن أكثر من شيء فارغ؟ وتخيلوا أن هذا حدث في الصيف والشواطئ مكتظة, ماذا كانوا يفعلون آنذاك؟ أيعلنون منع تجوال؟ إذا أطلق غدا عدد من "المجانين" في غزة مئات البالونات إلى السماء، مع مواد متفجرة أو بغيرها، وذهبت مع كل ريح, ماذا تفعل "إسرائيل"؟ أتغلق النقب؟ أتدخل سلاح الجو في استعداد؟ أتنزل إلى الملاجئ؟, وماذا ستفعل الجماعة في غزة وبيروت ودمشق؟ من الواضح أنها ستنظر إلى التلفاز وتموت ضحكا, لا يجب أن يجتهدوا من أجل أن نُصاب بالجنون، ولا أن يطلقوا رصاصة واحدة ولا يعرضوا أنفسهم للخطر.
لم ترد "إسرائيل" على البراميل، وتستطيع حماس أن تفهم من ذلك أنه يمكن أن تصيبنا بالجنون من طريق البحر, أو بعبارة أخرى: تحدد حماس لنا مرة أخرى قواعد اللعب.
********************************************************************-