"كديما" إلى اليسار: و"شاؤول موفاز" إلى اليمين
بقلم / عوزي برعام - إسرائيل اليوم: الأربعاء 17/2/2010
حزب "كديما" هو مخلوق جديد, وبالمقياس التاريخي فإن الحزب ولد قبل لحظة, صحيح أن الحزب أقيم حسب شخصية "أريئيل شارون"، ولكن مواصلي دربه صمدوا بعده وأقاموا حزبا قويا ذا تأييد في دوائر واسعة بين السكان.
تسلم "إيهود أولمرت" المنصب فيما كان ظِل التهم والقضايا يلاحقه، ولكن في سنوات ولايته غير مواقفه السياسية, وفي "وصيته السياسية" التي أورثها لـ"بنيامين نتنياهو" طالبه بأن يغير موقفه وادعى بما عرفته دوما: لا توجد خطة سياسية غير صيغة "كلينتون"، وكلما سارعت "إسرائيل" إلى السير في هذه الصيغة, يكون أفضل.
"تسيبي لفني" التي فازت برئاسة "كديما" بعد "أولمرت"، لم تفز برئاسة الوزراء, حيث أن الكتلة اليمينية – الدينية في الكنيست كانت أقوى وفاز "نتنياهو" برئاسة الوزراء, وآثرت "لفني" الجلوس في المعارضة, وقد فعلت ذلك لاعتبارات صحيحة, ولا أتحدث عن مطالبتها بتناوب الحكم، بل بمطالبتها بالإيضاح السياسي، مطالبتها بأن تعرف إلى أين تسير "إسرائيل" وما هو المسار السياسي لـ"نتنياهو" كرئيس وزراء, وأخيرا اختارت المعارضة, ومع قدومها إلى المعارضة لم تقدر كم هو صعب قيادة المعارضة وإبقاءها كاملة مع الحد الأدنى من الإحتكاكات الجوهرية.
حاولت "لفني" كزعيمة حزب، أن تعرض اختلافا سياسيا واضحا بينها وبين الحكومة, ولكنها فشلت في قدرتها على خلق تناغم وتوحد لكتلة منفصلة ذات دوافع شخصية، عديمة التكامل والماضي السياسي.
وصل "موفاز" إلى "كديما" كـ "حادثة طرق سياسية" فقد كان عظمة من عظام "الليكود"، ولكن في اللحظة الأخيرة استمع لنصيحة مستشاريه في أن "المستقبل في كديما" وأدار ظهره لليكود. "موفاز" أيضا كسياسي وكنائب ليس ذا سجّل يبرر تطلعاته، ولكن مشكلته الحقيقية هي أنه لا يمثل مقترعي "كديما", صحيح أن "كديما" هو حزب وسط في التوصيف الإجتماعي – السياسي، ولكن في الإنتخابات الأخيرة نالت تأييدا من جمهور أراد بديلا قويا لـ"نتنياهو" وهجر أحزاب اليسار الصهيوني, و"موفاز" ليس زعيما بالنسبة لهم, وهو ليس في مسار طريقهم.
احتمال الإنشقاق في حزب "كديما" قائم, فعلى مقاعده يجلس ركاب بالمجان من اليمين القديم ومن اليسار القديم وهم كفيلون بأن يغادروا "كديما" أيضا بسبب إغراءات "نتنياهو"، الذي أقر قانونا في الكنيست للتسهيل على خُطى الإنشقاق.
الإنشقاق، إذا ما حصل، سيثقل ويؤثر على مكانة "كديما" في الكنيست، حيث أنه إلى جانب الحزب سيكون "كديما جديد" مع قائمة فارين لا بأس بها، ولكن بالضبط هنا سيحل التعبير عن دور "لفني" كزعيمة.
إذا حاولت خلق توازن زائف ووافقت على انتخابات تمهيدية قريبة، فإنها ستبدي ضعفا في طابعها وخضوعا لمطلب غير مبرر, ففي كل الأحزاب تجرى الإنتخابات لتحديد زعيم الحزب في وقت قريب من الإنتخابات, ولا يوجد أي حزب مستعد لأن يخوض عملية انتحارية داخلية في فترة نشاط عادي للكنيست.
إذا أرادت أن تخدم مؤيديها فإن عليها أن تبدي ذات الإستقامة التي أبدتها عندما رفضت الإنضمام إلى الحكومة ولهذا الغرض فإن عليها أن تخلي الطريق لعصبة المنسحبين, فمثل هذه الخطوة لن تضرها، بل ستساعدها على بناء شخصيتها العامة كزعيمة ذات طريق وثقافة إدارية.
********************************************************************-