رصاص غير مصبوب!
بقلم / يسرائيل هارئيل - هآرتس: الخميس 18/2/2010
أصبح قطاع غزة بعد أكثر من سنة على مرور "الرصاص المصبوب" مسلحا حتى عنقه ويدبر تدبير السوء بـ"إسرائيل", فالصواريخ البعيدة المدى لحماس موجهة إلى "تل أبيب" ومطار "بن غوريون", ورجال حماس الذين تضاعف عددهم وأكثر منذ انقضت العملية ("التي أحرزت أهدافها"، كما أعلن الجيش الإسرائيلي عند وقف إطلاق النار)، وهم مستعدون وجاهزون لمحاربة "إسرائيل"، إذا أقدمت على الخروج لعملية أخرى, فما الذي أحرزته العملية إذن؟ أتقرير غولدستون؟.
يتهم رئيس الحكومة في حينه "إيهود أولمرت" في الكتاب الذي يكتبه, وزير "الدفاع" "إيهود باراك" والجيش بوقف العملية قبل إحراز هدفها وهو تحطيم حماس وإسقاط حكمها, حيث يقول "أولمرت" كان يمكن إحراز ذلك بزمن قتال معقول وبخسائر قليلة!!, لماذا إذن لم يسع الجيش الإسرائيلي إلى إحراز الهدف الذي كان سيعيد الهدوء إلى غربي النقب، ويقطع إنتاج السلاح في القطاع ويعيد السلطة الفلسطينية إلى الحكم؟ وجوابه أن جهات أمنية عرضت عليه تقديرات كاذبة عن الخسائر المتوقعة وعن المدة التي يحتاج إليها لإحراز الأهداف, فكيف علم "أولمرت" أن معطيات وزير "الدفاع" خاطئة؟ يدعي "أولمرت" أن رجاله في قيادة الجنوب فحصوا, وتبين لهم أن الذين تحملوا عبء القتال خاصة كانوا يعتقدون أن تقديرات وزير "الدفاع" وهيئة القيادة العامة مبالغ فيها كثيرا وتنبع من عدم وجود باعث على إكمال العمل.
وهذا الرجل المحتال (الذي يدعي كبار غير "أولمرت" عليه مزاعم مشابهة)، والذي أحبط إتمام المهمة في غزة، يجمع في يديه – إزاء رئيس الحكومة الحالي والذي هو ليس قويا ذا سلطة في طابعه مثل "أولمرت" – الإستعدادات لحرب "إسرائيل" الوجودية مع إيران.
أشرفَ "باراك" عندما تولى رئاسة الحكومة ووزارة "الدفاع" على الهرب المخزي الخياني من لبنان, هذا الهرب أضر إضرارا شديدا بقدرة ردع "إسرائيل"، وزاد في جلال حزب الله في لبنان وعمّق سيطرة إيران في المنطقة, أما ياسر عرفات الذي قرأ ضعف باراك الداخلي فخرج آنذاك إلى حرب "الإرهاب"، التي قتل فيها أكثر من ألف إسرائيلي وجعلت الحياة في "الدولة" لا تحتمل.
كذلك قدرت العناصر الراديكالية بين عرب "إسرائيل" أن هذا هو الوقت لبدء تمرد, حيث ما تزال أحداث الصدمة في الأحداث الدامية في أكتوبر من العام 2000 في وادي عارة، والجليل الأسفل والنقب تضج إلى اليوم, وفقط عملية السور الواقي التي كانت ممكنة بعد أن نحي "باراك" بخسارته في الإنتخابات، أخرجت "إسرائيل" من الهاوية التي أدخلها فيها.
يقول "أولمرت" في انتقاده لـ "الرصاص المصبوب" إن رئيس هيئة الأركان أيضا، لا وزير "الدفاع" فقط، لم يرد حقا التوصل إلى حسم في غزة, في الحقيقة لقد أدرك الجيش أنه لا مناص من عملية شاملة بعد ثلاث سنين من إطلاق لا ينقطع للصواريخ على جنوبي "إسرائيل", لكن عندما بدأت العملية تبين (ويشهد على ذلك أيضا اللواء "غيورا آيلاند")، لم يحدد الجيش الإسرائيلي لها أهدافا إستراتيجية واضحة إطلاقاً, وكانت قيادة هيئة الأركان مترددة إلى هذا الحد.
عشية قرارات حاسمة مصيرية لا مناص من أسئلة لماذا أخفقنا في لبنان، ولماذا تأخر القضاء على "الإرهاب"، ومن الذين لم يكملوا أهداف "الرصاص المصبوب", هناك غير قليل من المسؤولين ما زالوا يتولون مناصب أمنية مهمة وأحدهم "باراك", ومن أجل الثبات أمام الإختبارات الوجودية التي تنتظرنا، وربما في الفترة القريبة، نحتاج إلى زعماء وقادة ذوي تصميم مستعدين للنضال والتضحية, يقول "أولمرت" بأنه لا يوجد مثل هؤلاء قرب المقود, الويل لنا إذا كان على حق.
********************************************************************-