تصفية. الجيل القادم
بقلم: عينات ميدان، سمدار بيري، رونين برغمان - يديعوت أحرونوت: الجمعة 19/2/2010
يحبون في أروقة "الموساد" الحديث عن رئيس الجهاز سابقا "داني يتوم"، الذي كان يجب عليه في أحد أسفاره إلى الخارج أن يطمس هويته والتنكر بـ"باروكة" على رأسه, إلتقاه في مطار "بن غوريون" صديق خدم معه في الجيش ولم يره منذ التسريح، أي منذ 20 سنة, جرى الصديق نحو "يتوم" المتنكر والمغطى بأذرع مفتوحة, "أهلا داني، ما الذي تفعله هنا؟" سأل وجهد في أن يضيف "لم تتغير حقا" إن "باروكة" الشعر التي زيدت على صلعة "يتوم" أعادت إليه شيئا من منظر شبابه، لكنها أحرقته في لحظة, يقولون في "الموساد" إنه من حسن الحظ فقط أن هذا حدث في مطار "بن غوريون" لا في مطار أجنبي.
مقابل ذلك، لم يعرف أحد حقا المغتالين في دبي لمسؤول حماس الكبير محمود المبحوح، لكن عدسات تصوير الحراسة المنتشرة في كل ركن التقطت تقريبا كل حركة لهم, منذ لحظة نزولهم، وإلى تجوالهم في الفنادق وفي مراكز الشراء، وإلى أن طرقوا باب غرفة المبحوح.
إن الأشخاص في الحلل، وفي ملابس عمال الفندق وفي ملابس التنس، وعلى رؤوسهم القبعات والنظارات واللحى، غطوا على هويتهم بوسائل التنكر المعروفة، واستعملوا هويات مسروقة وجوازات سفر مزيفة, بيد أن عصر التنكر (على الأقل البسيط فيه) وجوازات السفر المزيفة قد أصبح من الماضي، ولا سيما بسبب تقنية التعرف للمقاييس الحيوية.
إن التقنية الجديدة التي تتعرف على الأشخاص بحسب خصائص بيولوجية مثل بصمة الإصبع، وشكل العين، وقسمات الوجه وبصمة الصوت، أصبحت أكثر انتشارا وتسبب صداعا غير بسيط لمنظمات إستخبارية في العالم: أصبح كل من يدخل الولايات المتحدة في السنين الأخيرة يجب عليه أن يصور وأن يعطي بصمة إصبع، وبدأوا في مطار أمستردام قبل نحو سنتين يصورون العين وفي مطار في كندا يصورون قسمات الوجه بدقة.
ستنتقل أكثر دول العالم حتى عام 2015 إلى طرائق تعرف بالمقاييس الحيوية والجوازات الإلكترونية التي أصبحت موجودة في نحو ثمانين دولة, يجعل في داخل جواز السفر شريحة إلكترونية، توجد فيها تفصيلات شخصية وحيوية مثل بصمة الإصبع، وقسمات الوجه أو صورة بؤبؤ العين، وهكذا تصبح المماثلة بين الشخص الموجود في المطار وبين جواز سفره مطلقة تقريبا.
انقضت الأيام التي كان يمكن فيها تنفيذ اغتيالات بلا آثار, والحاجة إلى استهداف أشخاص في ساحات مغطاة جيدا بسلسلة من الوسائل الإلكترونية جعل استعمال سلاح الإغتيالات شديد التعقيد, الإغتيال في فندق، مثلا – وهو ما اعتبر لسنين حلبة سهلة نسبيا – أصبح اغتيالا يترك أكبر قدر من العلامات (والصور).
النظم المتقدمة للتعرف الحيوي (بحسب قسمات الوجه) ستجعل أسفار العملاء السريين إلى دول أجنبية كابوسا حقيقيا, لم تعد تكفي قبعة تغطي العينين وإلصاق شارب, يجب الآن الإنشغال في المسافة بين الجفنين، وقوة تردد الصوت وما أشبه.
عدسات تصوير في كل زاوية
يتبين من الصور التي نشرت هذا الأسبوع، أن أعضاء الخلية التي أرسلت لاغتيال المبحوح أخذت في حسابها وجود عدسات تصوير حراسة داخل الفندق, لكن ليس متيقنا أن من أمر بالإغتيال أخذ في حسابه تصميم شرطة دبي وعنادها.
في آب الماضي جمع قائد شرطة دبي الكولونيل "ضاحي خلفان"، عشرات أصحاب الفنادق، ومديري مراكز الشراء ومراكز الجذب للسياح كلهم، وألقى عليهم أمرا بتركيب مئات عدسات تصوير الحراسة, وذلك على أثر عمليتي اغتيال تمتا في الإمارات هما قتل المطربة اللبنانية "سوزان تميم"، التي قطع رأسها على يد مندوب عشيقها المصري، والإغتيال الوحشي لزعيم الثوار الشيشان "سوليم يماتييف".
بفضل شبكة عدسات التصوير تلك، وبرغم محاولات التنكر، نجحوا الآن في الشرطة المحلية باستعادة تكاد تكون دقيقة لمسار خلية اغتيال المبحوح, تشتمل نتائج التحقيق على معطيات عدسات التصوير ومعطيات اتصال من جميع أنحاء المدينة، وتوثيق حركات أعضاء الخلية في كل نقطة مكثوا فيها تقريبا، ومعطيات مكالمات دولية وتسجيل كامل لدخولهم وخروجهم من البلد, استمر عمل تنقيح أفلام الفيديو أياما، ويعد الكولونيل "خلفان" بأنه يملك مواد إدانة أخرى, مع ذلك، أكدوا في دبي أن عدسات التصوير لم توثق لحظة دخول المغتالين الغرفة نفسها ولحظات إبطال عمل قفل الغرفة.
بطلب من "يديعوت أحرونوت" أجرى هذا الأسبوع شخصان مكالمات مع رئيس فريق تحقيق دبي, وبحسب انطباعهم المتشابه قالوا " بأن الكولونيل يعلم أكثر كثيرا مما يسلم وسائل الإعلام", فهو يشتبه مثلا في أن الإستخبارات السورية هي التي زودت المبحوح بالجواز العراقي الذي دخل دبي بواسطته, ويتابع رجال الكولونيل أيضا التحقيق مع الفلسطينيين اللذين سلما من الأردن ويشتبه في تعاونهما مع أفراد الخلية. حيث التقطت عدسات التصوير أحدهما يجري حديثا مع "بيتر" من فريق الإغتيال.
الحقيقة تحت اللحية
تجاوزَ غير قليل من أفراد الإستخبارات الكبار الذين سرحوا من الجيش الخطوط ويعملون اليوم في شركات تطور تقنيات تعرف بأنها حيوية, يبين اللواء احتياط "إسحاق بن إسرائيل" الذي كان رئيس تطوير الوسائل القتالية والبنية التكنولوجية التحتية في وزارة "الدفاع", بأنه "تنخفض القدرة على الدخول بهوية مستعارة عندما يكون القياس البيولوجي هو المقرر لا بطاقة مكتوبة, التعرف الحيوي يمكن من دخول بلد أجنبي بهوية مختلقة مرة واحدة فقط, وفي المرة الثانية عندما يأتي الشخص منصة موظف الهجرة في المطار تكون العناصر الحيوية قد أصبحت موجودة في الخازن، فيعطي الشخص بصمات إصبع أو تصور قسمات وجهه، ولا يستطيع بعد ذلك أن ينكر هويته الحقيقية, إن اغتيالا كما في دبي يحدث مرة كل عدة سنوات، لكن الحرب اليومية هي لمخالفي القانون و"الإرهابيين"، الذين سيصعب عليهم التعرف الحيوي كثيرا, ولن يستطيعوا الاكتفاء بالتخفي وراء أدوات تنكر مختلفة".
كان "ميشكا بن دافيد" رجل "موساد" إلى أن ترك العمل في العام 1999، ويكتب منذ ذلك الحين كتبا أبطالها أشخاص في الجهاز, اضطر من أجل إحدى مهامه في الخارج أن يطيل لحية وغيرت تماما صورة وجهه، إلى حد أنه حتى ابنه لم يعرفه, وعندما بدأ "بن دافيد" يتحدث إلى ابنه، قال له الولد: "أنت تتكلم مثل أبي، لكنك لا تبدو مثل أبي"، وبقي مبلبلا إلى أن حلق أبوه لحيته.
إن عميلا سريا يحاول اليوم أن يتنكر بلحية فقط سيلقى مشكلة مشابهة: تقنية تعرف الصوت التي أخذت تدخل في السنين الأخيرة أكثر فأكثر كوسيلة للتحقق من هوية شخص، ستكشف على الفور هل الواقف أمامها يرخص له بالدخول أم لا, مع ذلك ليست الطريقة بلا نقائص, وإن الحاجة إلى عزل المحيط عن الضجيج في الخلف تجعل من الصعب إحراز مستوى ثقة ودقة لتعرف الصوت.
"شاي زنداني" وهو شخص كان في الماضي في سلاح الجو, وهو مدير عام لشركة "كسلمان لحلول إدارة المخاطرات"، يعمل في التحقق من الهوية بواسطة بطاقة ذكية, يقول: إن كل دخول اليوم في نظام معلومات، في الجيش مثلا، يقتضي التحقق من الهوية بواسطة "بطاقة ذكية". إنها بطاقة رقمية تستلزم رمزا، وتوقيعا وتعريفا حيويا أحيانا أيضا, وقد يكون التعريف الحيوي مفصلا على نحو عجيب، مثل صورة شبكية العين التي تشتمل على بنية الخلايا الدموية الخاصة لكل إنسان، وصورة قزحية العين التي تشتمل على اختلافات لون بدرجات مختلفة، وبصمة إصبع وصورة راحة اليد من النوع الموجود اليوم في مطار بن غوريون, حيث تصور راحة اليد في عدد من النقط، وتسجل ثخانة الأصابع وبُعد كل إصبع من الإصبع الأخرى، وطول الأصابع وشكل الجلد, تشهد جملة هذه المقاييس على أنك أنت أنت".
وإذا كان رُكب في مطار دبي نظام قياس حيوي ما، فلا احتمال أن تمكّن "الباروكة"، والنظارات وجواز السفر المزيف لـ "جيل بوليارد"، التي كانت بحسب ما تقوله شرطة دبي نائبة قائد خلية الإغتيال، دخولها الدولة في يوم ما, لأن المعطيات الحيوية لها ولرفاقها "أحرقتهم" وهم موسومون في مستودعات معلومات الإنتربول.
********************************************************************-
موضوع: تصفية. الجيل القادم بقلم: عينات ميدان، سمدار بيري، رونين برغمان - يديعوت أحرونوت 
بيان صادر عن الحركة الأسيرة في سجون الاحتلال بخصوص الأوضاع الصحية بعد أزمة وباء فيروس كورونا :*
بدايةً فإننا نرفع أكفنا لله عز وجل …
- للقراءة الهادفة*
