بيع تصفية
بقلم / جدعون ليفي - هآرتس: الخميس 18/2/2010
لنفترض أن عملية الإغتيال في دبي نجحت نجاحا حسنا, وكان محمود المبحوح مات موت قُبلة، وعاد من اغتالوه بسلام إلى قواعدهم، ولم يتورط أي مواطن إسرائيلي معه هويته, فماذا يكون بعد؟ بدل محمود سيعين محمد، وسيحاول هو أيضا أن يقتل جنودا إسرائيليين وأن يُهرب سلاحا إيرانيا إلى غزة, بل إن الوريث ربما يتفوق على سلفه، كما حدث بعد عمليات اغتيال سابقة, فقد اغتلنا عباس موسوي؟ حسنٌ أيها الجيش, فحصلنا على حسن نصر الله, وقتلنا أحمد ياسين؟ حسنٌ أيها "الشاباك", فقد حصلنا على حماس أقوى بأضعاف مضاعفة, واغتيل أبو جهاد؟ حسن أيتها الوحدة الخاصة لهيئة القيادة العامة – بحسب نشرات أجنبية- فقد قُتل شريك ممكن، معتدل نسبيا وذو حضور قوي, فحصلنا زيادة على ذلك على أعمال انتقام كما حدث بعد تصفية "المهندس" يحيى عياش، والخطر الذي يقوم فوق رأس كل إسرائيلي ويهودي في العالم كل يوم في الذكرى السنوية لاغتيال عماد مغنية المنسوب إلى "إسرائيل".
لنفرض أن عملية الإغتيال في دبي نجحت نجاحا حسنا، ولنفرض أنه تحقق الشك في أن يد "الموساد" كانت مشاركة, أنريد نحن في الحقيقة أن نعيش في دولة يوجد لها وحدات موت، ترسل أفضل أبنائها لخنق أناس بالوسائد في غرف فنادق، ورئيس موسادها شخص يشتهي أعمال المغامرة، ورئيس حكومتها يجيز ذلك؟
ماذا يقول هؤلاء المغتالون عندما يعودون إلى البيت بسلام لأبنائهم؟ أنهم قتلوا اليوم بوسادة؟ أنهم تنكروا بملابس لاعبي تنس كما في فيلم؟ وماذا يقولون لأنفسهم إزاء صورتهم التي تبدو في المرآة؟ إن كل شيء مباح وصحيح في محاربة "الإرهاب"؟ أن أسهموا في أمن الدولة؟, وماذا كان يحدث لو أخطأوا الهوية؟ وهذا يحدث, حدث هذا في "ليلهامر" مثلا, وماذا لو عرضوا بعمليتهم حياة إسرائيليين للخطر وورطوا "الدولة"؟.
ليست ناجعة، ولا قانونية ولا أخلاقية أحيانا أيضا، عندما يكون الحديث عن زعماء سياسيين أو عن مثل أولئك الذين كان يمكن اعتقالهم، لم تحظ عمليات الإغتيال هنا بإباحة مطلقة فحسب بل بهالةِ بُطولة أيضا, يا الله، كم كنا نفخر بالخانقين من دبي لو نجحوا فقط بتدبيرهم من غير توريط "إسرائيليين أبرياء" سرقت هوياتهم, كم نحب نحن أن يغمز بعضنا بعضا وأن نفتخر بالموساد، التي تصل ذراعه الطويلة بحسب التقارير إلى كل فندق, كم نحب أن نكون "رامبو" الإسرائيلي, وبيننا، بماذا نفخر أكثر بطماطم الشيري التي طورناها أم بعمليات الإغتيال؟ لا يوجد أي فرق بين مغتالي حرس الحدود و"دوفدوفان" الذين يَقتلون مطلوبين في المناطق الفلسطينية، وبين مغتالي الشو – شو الجريئين في دبي, لكن دبي أكثر تأجيجا للخيال, ولا يثور في هذه ولا تلك أي جدل عام ها هنا, الجدل الوحيد الذي نشأ بعد دبي هو في الفشل، أكان أم لم يكن, لكن الفشل الأكبر في الحقيقية هو أن عمليات الإغتيال أصبحت منذ زمن سلاحا شرعيا، بغير ارتياب، وبغير أسئلة بل بغير أن نسمي الولد باسمه أي – الإعدام.
مرت أسابيع قليلة فقط منذ تجادل ها هنا أفضل المحللين الأمنيين بتقارير افتتاحية ومقالات تقدير وإجلال متزامنة جيدا لرئيس "الموساد" "مائير دغان"، تكاد تتجاهل مطلقا ماضيه المظلم في غزة وفي لبنان ويسجدون لمغامراته, لقد نسينا أن "الموساد" يفترض أن يكون ذراعا إستخبارية، لا ذراعا تزرع الموت، وأن دولة قانون لا تملك وحدات اغتيال, حظي "دغان" بصوت هتاف المحللين للسنة الثامنة (؟) في عمله, لماذا؟ لأنه من جملة ما يفعل, مغتال.
لكن لا يجب أن نشكو من "دغان", فمن حقه أن يقترح أعمال مغامرة ما شاء، كتلك التي تحظيه ومنظمته بإطراء وهتاف, لكن المسؤول عن عمليات الإغتيال هو من يجيزها ألا وهو رئيس الحكومة, ولم يتعلم "بنيامين نتنياهو" شيئا من إخفاق قضية خالد مشعل وضرب مرة أخرى، إذا كانت "إسرائيل" حقا مشاركة في الأمر, وهنا ملحوظة هامشية أخرى في نقاش هل تغير، وهل يوجد ها هنا "نتنياهو جديد"؟.
********************************************************************-