عباس ودلاله
بقلم: د. عطالله أبو السبح
صباح يوم أمس استمعت لإجابات الدكتور صائب على أسئلة الإذاعة الإسرائيلية ، وكان محور الحديث حول فشل رحلة ميتشيل ! ولفت نظري أن الدكتور مخلص جدا لوظيفته ومهمته ، ولست أدري هل لي الحق أن أفهم أن الرجل ليس لديه سقف زمني تنتهي عنده المفاوضات ، حتى وإن استمرت إلى يوم القيامة ، وليس لها بداية أبدا ، فقد تستأنف فجأة وتتوقف فجأة ، وكان من الواضح أن (إسرائيل) تحمل مسؤولية الفشل الأمريكي إلى عباس(المتعنت), إذ يرفض الجلوس بغير اشتراط تجميد الاستيطان .. رغم بساطة المطلب وسهولته ، وقد حيرت (إسرائيل) عباس حتى جعلته لا ينعم باستقرار نفسي أو جسدي ، أما في الجانب النفسي : فقد داخله هاجس أنه سيلحق بصاحبه ، وبالتالي فلا يستقر له جفن ، ولا يهدأ له قلب ، وأما الجانب الجسدي فهو كل يوم في عاصمة ، فما أن يحط في مطار حتى يقلع إلى آخر وها هو اليوم في موسكو ؛ استجداء لدور لها, رغم أنه مكتوف اليدين والرجلين بمشيئة السيد ميتشيل مبعوث العناية الأمريكية ، وكما قال إسحاق ليفانون, الناطق بلسان خارجية إسرائيل, معقبا ( ما حك جلدك مثل ظفرك ) فلماذا يذهب لموسكو ؟ فليجلس للتفاوض ! وتسأل المذيعة الدكتور صائب : أليس في إعلان نتنياهو أن أريئيل ، وغوش عتصيون ، ومعاليه أدوميم ( كتل استيطانية تتكون من مدن أكلت مع أخواتها أكثر من ربع أراضي الضفة الغربية ) ما يزيد من تشدد عباس في مطلبه بتجميد الاستيطان ؟! فيجيب الدكتور محملا نتنياهو عرقلة المفاوضات مضيفا : إنه ( أي نتنياهو ) يرفض التفاوض حول القدس وعودة اللاجئين ثم يصر على تهويد الدولة ! كل هذا يقابله الدكتور صائب بقوله : 'نريد إنجاح ميتشيل ' ولم يفصح عن وسائله في إنجاحه ، وهل سيكون بمزيد من التنازلات ؟ ووجدت أن من حقي أن أفهم أن تجميد الاستيطان كمطلب يعزز وجوده ، فأريئيل وغوش عتصيون ومعاليه أدوميم وأخواتهن كمستوطنات موجودة ، وهي إسرائيلية ، يسري عليها القانون الإسرائيلي ، ولأنها مدن فليس من المتخيل أن يتنازل عنها أطفال اليهود الذين ولدوا فيها وتربوا على أرضها ، وفيها من المؤسسات والمصانع والمزارع ما يجعل طلب إخلائها أمرا غير واقعي وغير إنساني ، إذن فقد التقى المطلب الفلسطيني مع إعلان نتنياهو ، وما تناقض معه بل أكده ، فالمسألة مسألة ( دلال ) سرعان ما سيزول بزوال المؤثر ، ولا يلزم إلا أن يقبل ( بيبي) عرض عباس بتجميده ولو لستة أشهر .. لستة أشهر فقط ... وعندئذ تنجح مهمة ميتشيل ونسمع ( طرقعات) قُبل ( عباس – صائب) على خد (بيبي) ولن يكون مطلب عودة اللاجئين بأحسن حظا ، إذ كيف يعودون إلى يافا وحيفا وإسدود وأخواتهن ، وقد كانوا أقل من مليون ، واليوم هم ستة ملايين ، فضلا عن أربعة في غزة والضفة !! إذن لابد من حل (يرضي) الأطراف ولن يرضي (بيبي) ما يرضي الفلسطيني ، ولأن الفلسطيني ممثلا بعباس يطلب العودة إلى صفد ولا يملك وسيلة مواصلات غير إسرائيلية أو أمريكية ! فكيف سيصل ؟ إذن فلا عودة ، وبذا فقد التقى المطلب الفلسطيني مع الإرادة الإسرائيلية ، ويكون مطلب نتنياهو هو النافذ بلا اعتراض ، وما مطلب عباس إلا نوع من (الدلال) سيزول بزوال المؤثر أيضا؛ وبذا ينجح ميتشيل . أما القدس ، فكيف سيعرضها السيد عباس على موسكو ، فقد أضحت في هيئتها وهندامها وسكانها ومؤسساتها اسرائيلية، حتى النخاع، وأما ما يفتش عنه الفلسطيني ( القدس ) فهو معلق بين السماء والطارق ، وما الأقصى إلا بناء آيل للسقوط ، ولم تبق إلا هبة ريح ناعمة وليست سموما ؟ قد يعرض عليه الروس بديلا عنها أو أن ( يصهين ) بغير بديل ! وماذا تملك موسكو من أدوات ضغط ؟ لا شيء .. لا شيء ، وإسحاق ليفانون يعلم ذلك بعد أن قلم اليهود أظافرهم ، ولذا قال : ولماذا موسكو .. فما حك جلدك مثل ظفرك ، وتنتهي المكالمة مع الدكتور صائب إلى أن المتعنت هو عباس ، وأن (إسرائيل) باحثة عن السلام؛ ولذا قرر صائب أن ينجح مهمة ميتشيل، وما تعنت عباس إلا دلال سيزول بزوال المؤثر.