ملتقى لمسات للثقافة العامة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ملتقى لمسات للثقافة العامة

اهلا وسهلا بك يا (زائر) في (ملتقى لمسات للثقافة العامة) ,, نتمنى ان تقضي معنا وقتا طيبا
 
الرئيسيةmainfourmاليوميةالأحداثمدوناتس .و .جبحـثأحدث الصورالأعضاءالمجموعاتالتسجيلدخول

 

  لمحبي الفلسفة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الغزال
مشرف الزاوية الاجتماعية
مشرف الزاوية الاجتماعية
الغزال


عدد المساهمات : 1898
نقاط العضو : 3898
تقييمات العضو : 5
تاريخ التسجيل : 14/11/2009
العمر : 51

 لمحبي الفلسفة  Empty
مُساهمةموضوع: لمحبي الفلسفة     لمحبي الفلسفة  Emptyالأحد مارس 27, 2011 12:18 am

منذ القرن السادس قبل ميلاد المسيح حتى القرن الخامس عشر بعد الميلاد، والطابع العام للتفلسف يتمثل ــ غالباً ــ في عناصر الفلسفة اليونانية.

وكان من الطبيعي وقد انتشر الدين المسيحي حين ذاك في كل أنحاء أوروبا أن يتأثر اتجاه التفكير الإنساني بهذا الدين الجديد، وأن يحاول رجاله استخدام الفلسفة في تأييد عقائده، وتثبيت مقدساته في نفوس الناس.

وقد نتج عن هذا تثبيت سلطان الكنيسة، وانفرادها بالسلطة في توجيه الجماهير، وتكييف تفكيرهم ومعتقداتهم.

وهنا خضعت المعرفة بمختلف فروعها للدين وأصبحت تطلب لا لذاتها، بل لغاية روحية لاهوتية.

هذا هو الطابع العام ــ تقريباً ــ لفلسفة العصور الوسطى المسيحية.

انتهى "العصر الوسيط" في السنوات الأخيرة من القرن الخامس عشر وبدأ عصر أطلق عليه المؤرخون اسم "العصر الحديث"، وإذا صرفنا النظر عن دقائق الحوادث وتفاصيلها وجدنا في هذا العصر نزعتين مختلفتين، من حيث التأثير: ثورة في التفكير والجمال، وثورة في العقيدة الأخلاقية والدينية.

هاتان الثورتان هما النهضة والإصلاح الديني.

إن كلمة "النهضة" تعبير حديث النشأة، بدأ استعماله منذ العام 1830، ولكن المعنى الحقيقي مازال موضع نقاش وجدال، وربما استمر ذلك زمناً طويلاً، على أن "النهضة" وان اتفقت من الوجهة الزمنية مع بدء العصر الحديث، فمن المؤكد أن لا انقطاع بين "العصر الوسيط" والعصر الذي يليه.

"النهضة" تفتح عجيب للحياة بأشكالها المختلفة، بلغت مظاهره الكبرى بين 1490 و 1560، ولكن دون أن يبقى مقيداً في هذه الحدود، وهي بالمعنى العام الواسع؛ تدفق من الحيوية أثار البشرية الأوربية، فتبدلت على أثره حضارة أوربه بكاملها، وهي بالمعنى الضيق نزوة حياتية في أعمال الفكر0 محمد بيصار(11-13 :1400هـ )

عوامل ظهور النهضة:

لم يكن من المستساغ أن تبقى الكنيسة حاكمة بأمرها في تفكير الناس، أو أن يظل حجرها على العقول والأفكار وتقرير قيم مايصح ومالا يصح من المعارف الإنسانية ساري المفعول.

لقد حدثت تطورات في تاريخ البشرية، وجدّت عوامل قلبت المقاييس الإنسانية، وغيَّرت في تفكير الإنسان ونظرته إلى الحياة.

وكانت هذه التطورات وذلك الاتجاه الفكري الجديد نتيجة لعوامل متعددة، ومجموعة من الظواهر عمت أوربا كلها، نذكر من أهمها ــ على وجه الإجمال ــ مايأتي:

1- حركة الإصلاح الديني التي قام بها"مارتن لوثر"، وكان من نتيجتها ثورة الناس على الكنيسة وسلطتها، والمطالبة بتقرير حرية الفرد واستقلاله.

2- بعث الآداب القديمة وإحياؤها، مما أدى إلى ثورة ترمي إلى التحرر من الجمود الذي أصاب العقول، وإلى منح الفكر الإنساني روح القوة الحيوية.

3- الاكتشافات العلمية ونشأة العلوم الطبيعية، حيث طرأت عدة كشوف علمية وسعت من رقعة العالم، وذهبت بآفاق الناس وإدراكاتهم عن الكون إلى أفسح مجال. نور الدين حاطوم (6-14 : 1387هـ)

أثر الفكر الإسلامي على أوروبا:

مما لاشك فيه أن الفكر الإسلامي كان له أكبر الأثر في فلسفة أوربا وفكرها0

أولاً: العصور الوسطى:

لقد كان العلماء المسيحيون في أوروبا يعملون جاهدين منذ عام 1130م على ترجمة الفلسفة العربية إلى اللاتينية، وكانت توجد في أسبانيا حركة ترجمة نشيطة.

جاء الإمبراطور (ريموند) فأسس مجمعاً للمترجمين، وأسند إليه مهمة إعداد ترجمات لاتينية لأهم الكتب العربية في الفلسفة والعلوم، وكانت هذه الترجمات التي وصلت إلى أيدي الغرب أساس الفلسفة الأوروبية.

وفي عام (1224)م أنشأ الإمبراطور (فريدريك الثاني) جامعة نابولي، وجعل منها أكاديمية لإدخال العلوم العربية إلى العالم الغربي، وقد كان ذا إعجاب شديد بالفلاسفة العرب.

لقد كان تأثر فلاسفة أوربا المسيحيين بفلاسفة العرب تأثراً واضحاً، لاسيما في آراء ابن سينا في نظرية المعرفة، ومسألة الكليات...، وممن تأثر بابن سينا من فلاسفة أوربا: ألبرت ــ توماس ــ سكوت وغيرهم.

كما كان للفارابي وابن رشد والغزالي أثرهم الواضح على فلاسفة أوربا، ومن ذلك ــ مثلاً ــ أنه لم يأت منتصف القرن الثالث عشر إلا وجميع كتب ابن رشد الفلسفية قد ترجمت إلى اللاتينية0 محمود زقزوق(39 :1406هـ)

العصر الحديث:

لقد اتضح لنا مما تقدم أن الفلسفة الإسلامية كان لها تأثيرها العظيم في الفلسفة الأوروبية الحديثة.

لقد كان للشك المنهجي الذي وضع الغزالي جميع خطواته؛ أثره البالغ فيما عرفه الفكر الفلسفي بعد ذلك لدى ديكارت.

فالخطوات التي سار عليها الغزالي في شكه المنهجي هي نفس الخطوات التي سار عليها ديكارت بعده بأكثر من خمسة قرون، واعتُبر المنهج الديكارتي فتحاً جديداً في عالم الفلسفة.

وكذا نجد نقد الغزالي المسهب لمبدأ السببية ورد العلاقة بين السبب والمسبب إلى العادة، واعتبارها مجرد علاقة زمنية بين شيئين، هذا النقد وجدناه بعينه لدى دفيد هيوم.

وأيضاً ــ تأثر اسبينوزا ببعض الأفكار الإسلامية عن طريق ابن ميمون، وكذا كان لأفكار ابن خلدون في فلسفة التاريخ والفلسفة الإجتماعية أثرها البالغ في أوربا0 محمود زقزوق(1403هـ :58-59)

انفصال العلوم عن الفلسفة:

كانت الفلسفة تشمل جميع العلوم، حتى القرن السابع عشر، فقد كان الفيلسوف يسمى عالماً، والعالم فيلسوفاً.

وقد ظهرت حركة جديدة لتحرير العلوم وفصلها عن شجرة الفلسفة، وذلك منذ القرن السابع عشر الميلادي، فصار للعلم معناً حديثاً، هو: النظر إلى مظاهر الطبيعة بالمشاهدة والملاحظة، ثم تفسير هذه الظواهر تفسيراً مؤيداً بالتجربة.

والتجربة هنا هي الميزان للعلم الصحيح، وبذلك يتلخص العلم الحديث في ثلاثة أمور: ملاحظة، تجربة، قانون.

أسباب تأخر العلم الحديث في الظهور:

السبب الأول:

احتقار القدماء للتجربة، حيث نظروا إليها على أنها من الصناعة اليدوية، التي لا تليق إلا بالعبيد.

السبب الثاني:

قلة المعامل التي يمكن إجراء التجارب فيها، فالعلم الحديث هو ثمرة هذه المعامل المتطورة.

وقديماً كان الانتفاع بالمعامل الموجودة يتم سراً، حتى لايتهم أصحابها بالسحر أو الشعوذة، فيتعرضون لغضب السلطان أو الجمهور.

السبب الثالث:

انصراف الجمهور عن تأييد العلماء، إلى الانشغال بالدين، فاضطر العلماء إلى ستر أعمالهم بكنايات ورموز، حتى لا يصابوا بأي أذى من الجمهور.

ولعلنا الآن نعرض شيئاً من العلوم التي انفصلت عن الفلسفة:

1- علم الرياضة:

هذا أول علم انفصل عن الفلسفة، وكان ذلك على يد العالم اقليدس الذي فصل علم الهندسة، ومن هنا نسبت إليه: "الهندسة الاقليدية".

2- علم الفلك:

انفصل علم الفلك عن الفلسفة قبل علم الطبيعة،.وهو أقرب إلى العلوم الرياضية منه إلى العلوم الطبيعية.

ويعد "أرسطو" مسئولاً عن تأخر هذا العلم، لأن نظرياته التي قال بها حول الفلك كانت خاطئة.

وقد لقي العلماء الذين حاولوا تفسير علم الفلك تفسيراً جديداً، صعوبة كبيرة جداً، لأنهم كانوا يواجهون آراء أرسطو التي آمن بها الناس زمناً طويلاً، كما كانوا يواجهون رجال الكنيسة الذين سيطروا على العلم والسياسة، وحرموا الحرية الفكرية، وهي الشرط الأساسي لتقدم العلم والفلسفة.

3- علم الكيمياء:

عاش (لافوازييه) في إبان الثورة الفرنسية، فكان أثراً من آثارها، واكتوى آخر عمره بنارها.

وقال لافوازييه: "لست أنا الذي أتكلم، ولكني أدع الوقائع هي التي تتكلم"

وهو قول يدل في مجمله على أن العلم مستقل تمام الاستقلال عن الإنسان، لأن قوانينه تجري من تلقاء نفسها، وعلى الإنسان أن يبحث عنها، دون أن يفرض عليها وجهة نظره.

خصائص العصر الحديث:

من خصائص العصر الحديث ما يلي:

1- الفردية العنيفة في الأدب و الدين و السياسة و العناية البالغة بالعلم الآلي و تطبيقاته العليمة الرامية الي توسيع سلطان الإنسان علي الطبيعة و الزيادة في رخائه و ما لهذه من صدي قوي في الفلسفة0

2- استقلال الفلسفة عن الدين،فتكون هناك فلسفة الحادية و تكون فلسفة تتحدث عن الروحانية و المسيحية ولا تعني سوي مجرد عاطفة دينية،وتكون فلسفة تشيد بالعلم الآلي وتحصر مجالها علي قدر مجاله،أو تجتمع هذه الوجهات المختلفة في بعض المذاهب مع تفاوت بينها 0يوسف كرم(1986 :6-7)

الفلسفة الحديثة:

يعد تاريخ الفكر الفلسفي الحديث هو الصورة الواضحة المعالم لمجهود الفكر الإنساني عبر تاريخ الفلسفة الطويل،و إذا كان هذا التطور الفكري يبدو تاريخياً في شكل مترابط و متشابه فإن ذلك يعزي الي ما تتميز به الفلسفة من خصائص الأصاله و الدوام0

فالفسلفة التي عرفت الديالكتيك لفكرة و نقيضها لا تلفظ تاريخها القديم بل تطوره تشكيلاً و تغييراً ايجابياً و سلبياً رفضاً و قبولاً من حيث أنها جزء لا يتجزأ من هذا التاريخ العام الذي تشكلت فيه مذاهبها و نظرياتها منذ اليونان و حتي العصر الحديث و المعاصر،و علي الرغم من اتصال الفكر الفلسفي خلال تاريخه فسمات الفكر في العصر القديم تختلف عنها في العصر الوسيط و عصر النهضة كما أن خصائصها في العصر الحديث تختلف بشكل كبير عنها في العصور القديمة و الوسطي0راوية عباس (1987 :11)

مفهوم الفلسفة الحديثة:

الفلسفة: لغة: (فلسف : الفَلْسفة: الـحِكْمة، أَعجمي، وهو الفَـيْلسوف وقد تَفَلْسَفَ)0

وقد انتقلت لفظة فلسفة إلى اللغة العربية من اللغة اليونانية، وأصبحت من الألفاظ المعرّبة التي يجري عليها التصريف والاشتقاق، فيقال: فلسف يتفلسف ومتفلسف وفيلسوف...إلخ0

اصطلاحاً: عرّفت الفلسفة بتعريفات عديدة، من أهمها مايلي:

1- الفلسفة هي: (حب الحكمة) أو (إيثار الحكمة).

2- الفلسفة هي: (التشبه بأفعال الله تعالى، بقدر طاقة الإنسان).

الفلسفة هي: (العناية بإماتة الشهوات).

وفي العصور الحديثة تعرف الفلسفة بأنها:

دراسة المبادئ الأولى، التي تفسر المعرفة تفسيراً عقلياً0

ومن الملاحظ على التعريفات الحديثة،ميلها بالفلسفة تجاه نظرية المعرفة.عبد اللطيف العبد (11-12 :1406هـ)

ويعرّف هسرل ــ أحد الفلاسفة المعاصرين ــ الفلسفة على أنها: (علم بالمبادئ الحقيقية وبالأصول، وبجذور الكل ويقابل هسرل، ألويس ريل، إذ يرى أن الفلسفة هي: (علم الشعور، وهي الإدراك العلمي للشعور وموضوعاته وقوانينه) عبد الرحمن بدوي (12-13 :1975م)0

وقد اختلف في تحديد الفترة الزمنية للفلسفة الحديثة على رأيين:

1- إن الفلسفة المعاصرة هي فلسفة القرن العشرين.

2- لا تقتصر الفلسفة المعاصرة على فلسفة القرن العشرين، بل تضم فلسفة القرن التاسع عشر وما أنجزته من تيارات عميقة تتصل بالإنسان والكون والمجتمع.

خصائص الفكر الفلسفي الحديث:

كان للفلسفة الحديثة خصائص وميزات تميزت بها عن غيرها، نود هنا أن نلمح سريعاً لشيء من تلك الخصائص، ولكن قبل الخوض في المراد أشير إلى أنه من الصعب تحديد فكرٍ معينٍ تحديداً دقيقاً، يقول الدكتور بيصار في ذلك: (كانت محاولات المؤرخين للفكر الإنساني شاقة ومضنية، بل وبالغة غاية التعقيد.

فكلما حاولوا أن يحددوا خصائصه ويفصلوا مميزاته، في كل طور من أطواره، أمعنوا في الغموض، وأوقعوا في الحيرة.

وكلما قصدوا بيان إلى بيان واضح يسترشد به الباحثون والدارسون في تبويب المعرفة الإنسانية وتصنيفها، شط بهم القصد، وذهب بهم الجهد بعيداً عن مرمى غايتهم وتحقيق غرضهم0 محمد بيصار(5 :1400هـ)

و بدت طلائع الفلسفة الحديثة التي كانت في أول عهدها اميل الي الإتجاه نحو الطبيعة،و أنصرف الفكر الحديث بدافع الروح اليونانية الي الطبيعة و علومها ينظر فيها نظراً غير متحيزاً و قويت الرغبة في تعرف العالم الجديد،هذا و لم تكن الفلسفة الحديثة طبيعية فحسب بل كانت فردية كذلك ،فقد كان من خواصها الفرد و تحريره من رق رجال الكنيسة،وكان من أغراض الحركة الحديثة تقرير حق الفرد في الحكم علي الأشياء،فلكل فرد أن يبحث و ينتقد غير مقيد في ذلك بأية سلطة خارجية،ومعني هذا كله أن النهضة الفكرية قررت أن يكون لعقل الفرد القول الفاصل و علي هذا الأساس قامت الفلسفة الحديثة و كان أول من حمل لوائها بيكون و ديكارت،و أتفق هذان الفيلسوفان في الغرض و لكنهما أختلفا في الوسيلة المؤدية اليه،فبينما يذهب بيكون الي أن المصدر الوحيد للحقائق هو ملاحظة العالم الخارجي و تجربة الظواهر إذا بديكارت يعترف بأن يكون العقل معيناً تتدفق منه المعرفة الي جانب العالم الخارجي الذي ينتقل الينا علمه بالحواس ،وكان بذلك بيكون مؤسس الفلسفة التجريبية كما كان ديكارت واضع الأساس لفلسفة عقلية حديثة0 زكي نجيب محمود ( 1959 :49 )

و يتميز الفكر الفلسفي الحديث بثلاث خصائص هي :

1- النزعة العلمية Scientific:

و نذكر هنا الخصائص التي تميز بها الفكر الفلسفي الحديث لاسيما بعد أن انفصل تدريجياً عن سلطة الدين فلم تعد الفلسفة مقيدة بقيود الكنيسة أو خادمة لها بل عبرت عن الواقع العلمي التجريبي في سائر المجالات إذ تجرأ الفلاسفة علي الواقع الطبيعي فبينما أن تفكير العالم يتميز بالموضوعية الخاصة بالبحث العلمي يحاول سبر أغوار الواقع بتحري جزئياته و تفصيلاته المختلفة ،ولا يستطيع أن يتدرج من هذه الجزئيات الي تعميمات شكلية،نجد أن الفيلسوف يقوم بجمع النتائج الدقيقة للأبحاث العلمية و يكون منها نظريات و تصورات و قيم عن العالم في المجالات الفنية و الخلقية و الدينية بحيث لا تتعارض هذه النظريات مع نتائج البحث العلمي أو تخل بمبادئه ،فالفلسفة في العصر الحديث أقتربت بجرأة من الواقع و هبطت من سماء المثل الي عالم المادة و الإنسان فتلمست مشاكله و سعت لخدمته و كونت نظريات العامة بالإتفاق مع ما توصل اليه العلم فجاز لنا أ نميزها بالطابع العلمي0

2- الطابع الفردي Individual:

الفكر الفلسفي الحديث تميز بالنزعة الفردية فالفيلسوف يحاول جاهداً التوصل الي آرائه و نظرياته بذاته ليتقصي الوقائع و يضع الفروض و يجري التجارب حتي يصل الي النتائج في غير خضوع لهدف محدد أو خطة مرسومة للحكومة أو السلطة الكنيسية ،فالفيلسوف الحديث يعمل في حرية شخصية في فردية و أصالة تتميز بهما الفلسفة الحديثة التي أكدت ذاتية الفرد و سلطت الأضواء علي شخصيته وأهمية وجوده و فكره0

سمة الدولية International :

تميزت الفلسفة الحديثة بسمة الدولية علي عكس الفلسفات القديمة التي كانت تعبر عن فكر شعوبها و قومياتها،بينما الفكر الفلسفي الحديث قد جمع بين كل هذه الفلسفات و نسقها و قدمها للإنسانية تراثاً عاماً تعرفه و تستفيد منه سائر الشعوب ،فالفسفة الحديثة قد قدمت للإنسانية تراثاً محدداً منظماً جمع بين القديم و الحديث تتداوله جامعات العالم و تحفظه مكتباتها بإعتباره ملكاً للإنسانية و ليس ملكاً لدوله أو قومية،ولا يعني تدويل الفكر الفلسفي علي مستوي العالم غض النظر عن الفكر الكلاسيكي و عن محاولة تجديده فالكثير من الدراسات الفلسفية تقدم أبحاث موضوعية عن الفلسفة القديمة في ضوء التيارات الفلسفية الحديثة0 راوية عباس (1987 :17-22)

مميزات الفلسفة الحديثة:

تميزت الفلسفة الحديثة بما يلي:

1- حرية الفكر:

بحيث لا يؤمن المفكر بأي رأي، إلا بعد إمعان الفكر والنظر، ومن هنا استقلت الفلسفة عن الدين، فوجدت فلسفة الحادية، وأخرى تتحدث عن المسيحية لكن على أنها مجرد عاطفة دينية فقط، وثالثة تشيد بالعلم الآلي.

2- اصطناع منهج جديد:

بحيث يوصل إلى المعرفة الصحيحة.

3- اتجاه الفلسفة إلى احتواء جميع العلوم:

هذا مع ملاحظة أن هذه الصفة الثالثة، قد تغيرت منذ بدأت العلوم تتقلص عن شجرة الفلسفة.

4- العناية بالإنسان:

في كل ما يملأ وجوده الواقعي في عالمي الأشياء والأغيار (الأشخاص الآخرين).

وتتمثل هذه الفلسفة في بيكون وديكارت، إلا أن بيكون صاحب منهج تجريبي، موصل إلى معرفة العلوم الطبيعية، بينما ديكارت صاحب منهج عقلي رياضي يقوم على الوضوح، ويصلح للبحث في الفلسفة العامة0 عبد اللطيف العبد (138-139 : 1406هـ)

منهج دراسة الفلسفة الحديثة:

ذكرنا أن الفكر الفلسفي الحديث قد تميز بثلاث خصائص هامة تمثلت في النزعة العلمية،و الإتجاه الفردي،وسمة الدولية وهذا يستلزم منا الإهتمام بالنواحي التالية عند دراسة الفلسفة الحديثة:

أولاً: لما كان تاريخ الفلسفة مترابطاً و متصلاً ترتب علي ذلك ضرورة دراسة العلاقة بين مذهب الفيلسوف و موقفه من المذاهب السابقة عليه و المعاصرة له0

ثانياً: لما كان الفيلسوف هو خير من يعبر عن روح عصره ،استوجب ذلك دراسة مذهبه بإعتباره ممثلاً لعصره و مترجماً للتيارات العلمية و الدينية و الأخلاقية و الإقتصادية في العصر الذي يعيش فيه0

ثالثاً: لما كانت حياة الفيلسوف هي المعين الذي تنصهر فيه أفكاره و تتبلور آرائه ،لزم ضرورة الإهتمام بدراسة ترايخ حياة الفيلسوف لأهميتها في دراسة المذهب0 راوية عباس (1987 :23)

إتجاهات الفلسفة الحديثة:

أولاً الإتجاه المثالى:

أصبح الإنسان فى العصر الحديث بذاتيته وفرديته محور البحث الفلسفى، وأوضح الفلاسفة المحدثون أن العقل هو القوة المشتركة بين الناس جميعاً، ومن أجل ذلك كانوا ينظرون إلى الإنسان نظرة عامة وكلية وشاملة0وتلك هى المثالية الحديثة التى كانت تختلف عن مثالية أفلاطون التى كانت تقول بوجود عالم للمثل ثم ظهرت الفلسفة الجدلية مع هيجل كمحاولة للتوفيق بين كلية الوجود والواقع أو المطلق من ناحية، وكلية الإنسان من ناحية أخرى.

كما أنه وضع التناقص فى قلب الوجود ومثل هيرقليطس الذى جعل العقل قانون الوجود، جعل هيجل الروح أو المطلق ماهية الوجود أى صورته وحقيقته.

إن التوسع الجدلى معناه الإختفاء والظهور، العدم والوجود، الموت والحياة، تماماً كما تختفى البراعم عندما تتفتح الأزهار،ولكن الفكر الغربى الحديث قد أغرق فى المثالية حتى وإن كان يرى فيها صورة الحقيقة، فالحقيقة فى نظره صورة لا مادة، عقل بلا إحساس أو خيال، هذا لأن الفكر قد تجمد فى الصورة والتصورات العقلية وتجاوز ذاته الفردية إلى الذات الكلية، وكان لا بد وأن يشعر الإنسان الذى يتجاوز العالم بالغربة فى هذا العالم هكذا تمثلت العقلانية الغربية عند أقطابها، من أمثال ديكارت وكانط وهيجل، فكانت الذات بمعناها الكلى والعام بل والمطلق أيضاً هى مصدر كل علم ومعرفة.

ثانياً الإتجاه التجريبى:

فى ذلك الوقت كان الفلاسفة الإنجليز فى الجزر البريطانية "حسيين وتجريبيين وتحليليين فى مجال المعرفة" وكانوا يعملون للواقع ألف حساب.

لقد خضع الفكر الإنجليزى للواقع وسلم له العقل تسليماً وكانت مهمة هؤلاء المفكريين هى رفض كل ما يتصف بالضرورة والثبات وأصبحت الفلسفة لديهم مجرد تحليل للأفكار وتفتيت للواقع.

لا شئ سوى الإحساس والخبرة الحسية أما العقل فوظيفته تنقية هذه الخبرة وتصفية التجربة الإنسانية لمعرفة مغزاها ومعناها، وكل ما يبعد عن الخبرة الحسية يكون هناك عند شواطئ البحار البعيدة المجهولة.

مما سبق نستطيع أن نوجز فى عجالة سريعة أهم السمات التى تتميز بها الفلسفة الحديثة، فالفكر الحديث فى تصورنا يتمثل فى السعى وراء هدفين أساسيين:-

1- النهوض بالعلم وإعتباره الوسيلة الفعالة لمعرفة حقيقة العالم والأشياء0

2- وضع أصول فلسفة جديدة تحل محل فلسفة العصور الوسطى التى كانت فى خدمة الدين 0

وإنطلاقاً من هذا تغيرت نظرة الإنسان إلى الطبيعة بفضل تقدم العلم الحديث، وبدلاً من خضوع الإنسان للطبيعة وجوداً وفكراً - كما ظن القدماء - مثل أرسطو، أصبح الإنسان الحديث يسعى إلى أن يكون بالعلم سيداً أو مالكاً للطبيعة ،ولهذا فالفلسفة الحديثة يجب أن تختلف عن الفلسفة القديمة من ناحية، وفلسفة العصر الوسيط من ناحية أخرى0 و في هذا الجو الفكري ولد أبو الفلسفة الحديثة أو الرائد الأول لهذه الفلسفة رينيه ديكارت Rene Descartes 0

رينيه ديكارت: 1596- 1650

يعتبر رينيه ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة فقد كتب فلسفة جديدة غير الفلسفة التي كانت سائدة طوال عشرة قرون من قبله(الفلسفة المدرسية)،و يقصد بالفلسفة المدرسية هي فلسفة أفلاطون و أرسطو اللتين سادتا التفكير الفلسفي في أوروبا في العصر الوسيط0

ويطلق معظم الباحثين ، على رينه ديكارت الذي شهد النور في مطلع القرن السابع عشر اسم « أبو الفلسفة ألحديثة » : ولا غرابة في ذلك ‏برأيهم ،فقد جاء ديكارت،بفلسفة جديدة ومغايرة لكل الفلسفات التي كانت سائدة قبله طوال عشرة قرون من الزمن،ويعنون بذلك،الفلسفة ‏المدرسية أوفلسفةأفلاطون وأرسطو ، التي سادت التفكير الفلسفي في اوروبا زمن العصر الوسيط ،والقول:إن فلسفة ديكارت جديدة ومغايرة للفلسفة المدرسية ‏التي كانت سائدة في عصره ، يعود في الدرجة الأولى ، الى ثورة ديكارت ، على المنطق الأرسطي والعلم الطبيعي الذي نادى به أرسطو « فضلأ عن نقده للفلسفة المسيحية التي كانت سائدة في أيامه والتي كان يعتبرها إمتدادأ للفلسفة الأر سطية ، وابتكاره منهجأ جديدأ للبحث الفلسفي مغايرأ لما آلفناه عند أرسطو وغيره من الفلاسفة .ريتشارد شاخت (1997 :14)

و يقول الفيلسوف الإنجليزي برتراندرسل يعتبر رينيه ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة و بحق كما أظن0 برتراندرسل (1977 :104)

و يقول الفيلسوف الألماني الفيلسوف الألماني هيجل إن رينه ديكارت هوفي الواقع المحرك الأول الحقيقي للفلسفة الحديثة من حيث اتخاذها الفكرمبدأ أساسيا ، وإن اثر هذا الرجل في عصره وفي العصور الحديثة ، مهما قيل في شأنه ، لا يمكن أن يكون مغالى فيه ،إنه بطل ، وقد تناول الاشياء من مبادئها0

ووصفت فلسفة ديكارت بالثورة الديكارتية علي غرار الثورة الكوبرنيقية بسبب قاعدته الأولي من قواعد المنهج و هي قاعدة البداهة العقلية و أيضاً بسبب آثارها البعدية إذ هدمت فلسفة العصور الوسطي فضلاً عنمناصرتها لقضايا الحرية الواعية الملتزمة و تهيئة النفوس لثورات إنسانية أخري في كافة المجالات الفكرية و السياسية و الإجتماعية0عثمان أمين (1975 :10-20)

و كانت فلسفة ديكارت جديدة عن الفلسفة المدرسية بقد ما ثارت علي منطق أرسطو و علمه الطبيعي،و بقدر ما أبتكر منهجاً فلسفياً جديداً مختلفاً عن المنطق الأرسطي،و هي جديدة عن الفلسفة المدرسية أيضاً بقدر ما ثارت علي الفلسفة النصرانية التي كانت سائدة في العصر الوسيط خاصة فلسفة توما الأكويني الذي كان يعتبر مقتفياً أثار أرسطو أكثر منه ثائراً عليه ،ولكن ينبغي ملاحظة أن فسفة ديكارت لم تكن جديدة كل الجدة بمعني أنها فلسفة دينية لها قوامها الديني و ذات أهداف دينية و كانت تعالج المسائل التي كان يتناولها المدرسيون من قبل0

و كان ديكارت يقصد بفلسفته الجديدة إقامة مذهباً فلسفياً نصرانياً يناهض الفلسفة النصرانية التي كانت سائدة و هي فلسفة الأكويني و تشهد النصوص في كتب ديكارت علي أن أهدافه من مذهبه الجديد أهدافاً دينية ،ولم تكن فلسفة ديكارت الملقب بأبي الفلسفة الحديثة الذي التصق به هذا اللقب اعتباراً من القرن التاسع عشر تمثل فلسفة محلية و لكنها كانت فلسفة إنسانية عالمية لأنها عبرت عن عصر كامل ثم تغلغلت في حياة أمم شتي شرقاً و غرباً و استمرت هذه الفلسفة رافداً تمد الإنسانية بعوالم فكرية مختلفة0 ابراهيم مصطفي ابراهيم (2000 :67-68)

والفلسفة الديكارتية ليست فلسفة تأملية خالصة بقدر ما كانت فلسفة تهدف الي الغايات العملية و الخبرة اليومية الحياتية،فالمعرفة الديكارتية تضع في اعتبارها العالم الخارجي الواقعي الذي نعيش فيه و يوجهها العقل سواء كانت هذه المعرفة تركيبات عقلية خالصة أو مدركات حسية مستمدة من الواقع الخارجي ،وللعقل أولويته في قدرته و أحكامه،ويهدف اليقين عن طريق الفصل الواعي بين الصواب و الخطأ متبعاً في ذلك منهجاً ذو مراحل واضحة و فاصلة يعصم العقل من الزلل و يصل بالإنسان الي اليقين0محمد الضوي (1998 :11-12)

و يري أحد الدارسين لديكارت أن فلسفة القرن السابع عشر من أوله الي أخره في فرنسا و أنجلترا و إيطاليا و هولندا انما كانت كلها فلسفة ديكارتية الي حد بعيد عند بعض الفلاسفة ،وكذلك كانت الحياة الفكرية و السياسية و الإجتماعية في القرن الثامن عشر مرآه صادقة تتجلي علي صفحتها الآثار الباقية للفلسفة الديكارتية،ذلك بأن قيادة الفكر في كل نواحيه و قيادة الحياة الإجتماعية في كل مرافقها و التمهيد للحياة الديمقراطية الحرة في كل ثوراتها0 محمد مصطفي حلمي(1968 :27-28)

و إذا كان صحيح أن الفلاسفة يختلفون فيما بينهم حتي في المبادئ الأولية للفلسفة و لكل منهم طريقته في البحث فالواقع أن هذه الخلافات لا وجود ليها في الواقع الإنساني 0 جاك ماريتان (1963 :12)

نشأته وحياته :

‏ولد رينه ديكارت في 31 ‏آذ ارسنة 1596 ‏م في مدينة لاهاي التابعة لإقليم توران ‏في فرنسا ، وتوفي في 11 ‏شباط 1650 ‏م في السويد ، دون أن يتزوج لأنه كان على حد قوله يفضل جمال الحقيقة ، على الجمال الإنساني ، ولأنه لم يجد قط جمالأ من المستطاع مقارنته بجمال الحقيقة : ونقلت رفاته الى باريس 1666 ‏م ، لتوضع في كنيسة سان جرمان دي بره0

‏كان أبوه يوا كيم ديكارت،مستشارأ في برلمان مقاطعة بريتاني الفرنسي . اما امه فقد توفيت من جراء داء صدري ، بعد ولادته بمدة وجيزة :فتعهدته جدته بالتربية ،وهولم يبلغ العام من سنه0 مهدي فضل الله (1968 :76)

‏في سنة 1604 ‏م ، أدخل الى مدرسة لافليش التي كانت تعرف باسم المدرسة الملكية - وهي مدرسة أسسها اليسوعيون سنة 1603 ‏م بمساعدة الملك هنري الرابع . وقد وصفها ديكارت فيما بعد ، في كتابه مقال في المنهج بقوله : إنها « من أشهر مدارس اوروبا » ، وخيرمكان تعلم فيه الفلسفة .

‏بقي ديكارت في مدرسة لافليش ، مدة ثماني سنوات ،قضى السنوات الخمس الأولى منهأ فى دراسة التاريخ والأدب والشعر واللغات القديمة( اليونانية واللاتينية ) . كما درس في الثلاث الأخيرة ، الفلسفة بأقسامها المختلفة ، من منطق وأخلاق ورياضيات وعلم طبيعة وما وراء الطبيعة ( الميتافيزيقا ) . وقد قدر له أن يدرس الفلسفة على يد معلم بارع في المنطق ، هو الراهب ، فرانسوا فيرون ، كما قدر له بأن يدرس الرياضيات ، على يد أستاذ كثير العلم ، كان يلقب بد إقليدس الجديد ،ولعل هذا ، ما يفسرحبه للفلسفة وميله للرياضيات .

‏وكان من جراء ملاحظة للآراء الفلسفية المتضاربة حول المسألة الواحدة ، ودقة النتائج في الرياضيات ، واليقين الذي يصاحبها ، ما دفعه علىحد قول بعض الدارسين الي التوسع في دراسة الرياضيات، من سنة 1612 ‏إلى سنة 1617 ‏م ، حيث اكتشف خلالها ما يسمى ب الهندسة التحليلية .

‏في بداية سنة 1618 ‏م إلتحق بالجيش الهولندي لتعلم فنون الحرب ، كسائر أبناء الطبقة النبيلة في عصره حيث التقى إسحق بيكمن وهوطبيب هولندي لفت نظره الى الصلة الوثيقة القائمة بين الرياضيات والطبيعيات فوجه اهتماما لدراسة هذه العلاقة من ناحية تطبيق الرياضيات على علم الطبيعة ورد علم الطبيعة الى الرياضيات.

‏وفى نيسان 1619 ‏م ، إرتحل من هولندا إلى المانيا ليقيم في قرية

صغيرة بجوار مدينة أولم الواقعة على نهر الدانوب ، وليعتزل هنالك في حجرة دافئة ، كان يقضي فيها كل يومه ، منصرفأ الى التفكير العميق في منهج يقيني محدد ، يمكن أن يوصل جميع الناس الى الحقيقة في كل العلوم التي يبحثون فيها ألجأني بدء الشتاء الى قرية لم اجد فيها شيئأ من السمر ، ولم يكن لدي لحسن الحظ ما يشغلني من هموم أو أهواء ، فكنت احبس نفسي طول اليوم وحدي في حجرة دافئة حيث كنت أفرغ الفر اغ كله لحديث نفسي وتصريف خواطر0رينه ديكارت( 1960 :29 )

‏وفي يوم 10 تشرين الثاني 1619 ‏م ، إهتدى بعد طول تأمل وتفكير ، إلى اكتشاف ما يسمى ب « قواعد علم يستحق الاعجاب » ، ووصل الى حالة من الصوفية السامية ، رأى خلالها رؤيا ه ليس للنفس الانسانية فيها أي نصيب كما يقول هو نفسه . وقد دو ن ديكارت ما حدث معه يوم 10 تشرين الثاني 1619م في رسالة صغيرة أسماها او لمبيكا ومعناها في اللغة اليونانية الوطن الالهي . تمييزأ له عن وطن المعقولات ووطن المحسوسات أوالتجريبيات0

‏ويرى ميلو أحد الدارسين لديكارت ان ديكارت ‏سمع يوم10 ‏تشرين الثاني من عام 1619 ‏م ، صوتأ إلهياً يأمره أن " إنهض وأقم هيكل العلوم جميعها بنفسك ، واحذ في هذا حذو الشعراء ، وخذ بما تلهم كما يأخذون بما يلهمون ، واعرض عن تعليم الكتب إذ سوف تنمو بذور العلوم الموجودة في نفسك من تلقاء في ذاتها ولسوف تهدي الى الانسانية العلم العام الذي يسع كل شي ء " ، وانه أهتد ى في ذلك اليوم، إلي أن الحقيقة لا تؤخذ من بطون الكتب ، وأن بذورها موجودة في نفوسنا كما يوجد شرر النار في الحجر الصوان ،كما يري باييه مؤلف كتاب حياة السيد ديكارت بأن ديكارت إهتدي الي قواعد علم يستحق الإعجاب بعد أن بلغ به التعب ،وقد أصابه نوع من الحماس سما به الي حيث يري الرؤيا 0مهدي فضل الله(1986 :78-79)

ويختلف الدارسون لديكارت فيما بينهم ، حول الحقيقة التي توصل اليها ديكارت فالكونت فوشيه دى كاريل ‏الذي نشر رسالة أو لمبيكا . يرى أن ديكارت ، اكتشف المنهج الذي أقام عليه فلسفته . ومييه يري في كتابه تاريخ ديكارت قبل سنة 1637 م ، أنه اكتشف قواعد المنهج والهندسة التحليلية0 Millet,Hostoire(1867:74)

ويري هملان أن يكارت اهتدى إلى الهندسة التحليلية ، وهي أحد وجوه منهجه العام . وميلو واد ام ‏يريان بأن ديكارت توصل إلى معرفة قواعد علم يستحق الإعجاب ، دون أن نعرف طبيعة هذا العلم : هل هو الرياضة العامة أم الهندسة التحليلية و أي التعبير عن الخطوط برموز جبرية والتعبير عن المقادير بخطوط و أم العلم العام ‏أي منطق الكوجيتو ام الجبر الصحيح 0

‏والراجح من خلال آراء الباحثين في حياة ديكارت ، أن هذا ، قد اكتشف يوم 10 ‏تشرين الثاني 1619 م ، منهجأ كليأ للبحث في جميع العلوم ، وأفرد له فيما بعد ، كتاب أسماه مقال في المنهج لأحكام قيادة العقل وللبحث عن الحقيقة في العلوم .

أعمال ديكارت:

1- العالم Lo Mond

‏كان من أثرعزلة ديكارت في هولندا . أن بدا بكتابة أول مؤلفاته ، العالم ، الذي استغرق منه عدة سنوات لانجازه ( 1629 – 1633م ) . ولما انتهى منه عام 1633‏، وعزم على ان يبعث بمخطوطته إلى أحد أصدقائه،الأب مرسن لكي يبدي رايا فيها كانت محكمة التفتيش في روما تدين غاليليو ، لنشره عام 1632م ‏، كتابأ ، ينقض فيه الرأي الأرسطي والبطليمي السائد ، الذي يقول : إن الأرض ثابتة وهي مركزالكون ،والفلك يدور حولها (ارسطو،بطليموس) فكان ان فزع فزعأ عظيمأ وامتنع عن ذلك وصرف النظر عن نشركتابه لأن شعاره الدائم ودثاره ، كان "عاش سعيدأ من أحسن في الاختفاء " وكان يهدف ديكارت الي بناء الفلسفة علي أساس جديد يكفل لها التصدي لتيارات الفلسفات القديمة و يصونها من التردي في مهاوي الشك و ضلالات الوهم و تعصم مراعاتها الذهن من الوقوع في الخطأ0 علي عبد المعطي(1995 :5)

2- خطاب في المنهج (1637م):

وهو كتاب صغير الحجم ، ابان فيه ديكارت ، القواعد التي ينبغي على العقل ان يتبعها في بحثه عن الحقيقة في مختلف العلوم . وقد اثنى النقاد على هذا الكتاب ورأى بعضهم ، انه كان وراء نشأة كل العلم والحضارة الغربية الحديثة في القرنين السابع عشر والثامن عشر.ف إميل بوترو مثلأ ، يقول إن الثورة الفرنسية كانت وليدة ‏المقال فن المنهج ، وذلك لأن المجتمع الفرنسي في سنة 1789 ‏م كان قد تجدد بفعل وإسم مبدأ اليقين العقلي الديكارتي ، كما يرى ذلك ، بول بورجيه0

3- تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الاولى (1641م):

وفيه يبرهن ديكارت على وجود الله وتميز الروح عن الجسد وخلود النفس . وهوكناية عن ستة تأملات :

‏التأمل الاول : في الأشياء المشكوك فيها .

‏ التأمل الثاني : في طبيعة النفس الإنسا نية وسهولة معرفتها0 التأمل الثالث : في حقيقة الإله وإثبات وجوده .

‏التأمل الرا بع : في التمييز يين الخطأ والصواب .

‏التأمل الخامس : في بيان ماهية الأشياء المادية ووجود الإله ‏وحقيقته .

‏التأمل السادس :في وجود الأشياء المادية والتمييز بين النفس والجسد .

‏وقد بعث به قبل نشره إلى الفيلسوف الإنكليزي هوبز ‏وكذلك إلى كل من غاسندي وأرنو ‏والأب مرسن ( فرنسيين ) لإبد اء رأيهم ، ورد على ما أثاروه من اعترا ضات على براهينه تلك .

4- مبادىء الفلسفة ( 1244 ‏م ) :

وقد كتبه باللاتينية ، ثم ترجم إلى الفرنسية بعد ذلك وتم نشره ، سنة 1647 ‏م . وفيه يعرض ديكارت لفلسفته عرضأ شاملأ ، سواء فيما يتعلق بأصول منهجه الفلسفي ، أومذهبه ، أوموقفه من المسائل الفلسفية ، فضلأ عن تبيان أوجه الخلاف بين فلسفته والفلسفات القديمة0

5- رسالة في إنفاعالات النفس: وقد تم نشرها عام (1649م)0

6- البحث عن الحقيقة بواسطة النور الفطري:وقد نشر بعد وفاته سنة (1701م)0مهدي فضل الله (1986 :81-85)

فلسفة ديكارت:

أولاً نظرية المعرفة:

بدأ ديكارت يشك في قيمة المعرفة الفلسفية منذ كان علي مقاعد الدراسة في مدرسة لافليش و إنه عاش في عصر كان مذهب الشكاكين شائعاً و قد أطلع علي آرائهم ونضيف قائلين . إنه عندما بدأ عزلته في المانيا ، باحثأ عن مبدا ‏يقيني لا يكون موضع شك لكي يقيم عليه فلسفته ويكون لها يقين العلا الرباني ، مر بفترة عصيبة من الشك لم يماثله فيها احد من الفلاسفة من قبله ،‏فقد شك اولأ في المعرفة الأتية عن طريق الحواس الظاهرة ورفض بالتالي ان تكون هذه الحواس مصدرأ للمعرفة لانه لاحظ ان الحواس تخدع في بعض الاحيان ، وهي لا تنقل لنا بأمانة كل ما هو عليه الشيء بالتمام . ومن الحكمة الا نثق البتة بالذي يخدعنا حتى ولو لمرت واحدة ، ولم يقتصرشكه على المعرفة المتأتية من الحواس الظاهرة فقط ، وإنما تعداه إلى الحواس الباطنة ، لأنه لاحظ بأن هزه المعرفة لا تقنع العقل لدى كل الناس . فقد يصدقها شخص تصديقأ تامأ ويرفضها شخص آخر رفضأ تامأ،ولذا فهو يقول في كتابه تأملات ميتافيزيقية في الفلسفة الأولي ما لاحظت أن الأبراج التي تبدو مستديرة عن بعد تبدو مربعة إذا نظرت إليها عند اقترابي منها وأن التماثيل الضخمة المرفوعة على قمم هذه ألأبراج تبدوصغيرة حين أنظر إليها من اسفل تلك الابراج ، وقد تبينت في حالات أخرى كثيرة جدأ أخطافي الحكم أساسها الحواس الظاهرة ،وليس الخطأ بقاصر على الأحكام المبنية على الحواس الظاهرة وحدها بل يجاوزها إلى الاحكام المبنية على الحواس الباطنة (الحس المشترك ، الخيال ، الحافظة ، الذاكرة) ايضأ . وهل هنالك ما هو ابطن من الألم ؟ ومن الحكمة ألا نثق البقة في من يخدعنا ولو مرة واحدة0 رينيه ديكارت (1977: 68-75)

ثم شك في المعرفة الحاصلة لنا عن طريق الأحلام ، لأنه لاحظ بأننا نؤمن بصوابية ما نراه في الحلم ونعتقده إذ ذاك حقيقة لا شك فيها ، فما اذا استيقظنا تبادت تلك الحقيقة التي كنا نعتقدها ، كحقيقة واقعة ، وايقنا أن ما رايناونراه فى الحلم ، ليس من الحقيقة بشي ء ، ومعنى هذا ، أن كثيرأ من الصور والافكار التي ترد على أذهاننا اثناء النوم في الحلم ، يكذبها عالم اليقظة بالرغم من أننا نعتقد حينذاك بأنها حقيقة ، وذهب في شكه إلى حد التساؤل عن قيمة المعرفة الحاصلة لنا من طريق اليقظة ، وفيما إذا كانت هذه المعرفة ليست إلا خيالات بمعني أن تكون المعرفة الحاصلة لنا من طريق الأحلام ،بمعنى ان تكون المعرفة الحقيقية هي تلك الحاصلة لنا من عالم الأحلام وليس من طريق عالم اليقظة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لمحبي الفلسفة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اطباق جديده لمحبي الدجاج

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى لمسات للثقافة العامة :: كل ما يتعلق بالخدمة والرعاية الاجتماعية-
انتقل الى: